للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال اشتقوا اللات من الله، والعزى من العزيز (١)، وقال قتادة يلحدون يشركون في أسمائه (٢). وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الإلحاد التكذيب (٣): وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد، والميل والجور والانحراف، ومنه اللحد في القبر لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٨١]]

﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١)

يقول تعالى: ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنا﴾ أي بعض الأمم ﴿أُمَّةٌ﴾ قائمة بالحق قولا وعملا ﴿يَهْدُونَ بِالْحَقِّ﴾ يقولونه ويدعون إليه ﴿وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ يعملون ويقضون، وقد جاء في الآثار أن المراد بهذه الأمة المذكورة في الآية هي هذه الأمة المحمدية، قال سعيد عن قتادة في تفسير هذه الآية: بلغني أن النبي كان يقول إذا قرأ هذه الآية «هذه لكم وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ (٤) [الأعراف: ١٥٩]. وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في قوله تعالى: ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ قال:

قال رسول الله «إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم متى ما نزل» (٥).

وفي الصحيحين عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة» وفي رواية «حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك» وفي رواية «وهم بالشام» (٦).

[[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٨٢ إلى ١٨٣]]

﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣)

يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾ ومعناه أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء، كما قال تعالى: ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ [الأنعام:

٤٤ - ٤٥] ولهذا قال تعالى: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ﴾ أي وسأملي لهم، أي أطول لهم ما هم فيه، ﴿إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ أي قوي شديد.


(١) تفسير الطبري ٦/ ١٣٢.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ١٣٢.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ١٣٢.
(٤) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٣٤.
(٥) انظر الأثر في الدر المنثور ٣/ ٢٧٢.
(٦) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٢٩، ومسلم في الإمارة حديث ١٧٠، ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>