للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ فِي صَنِيعِهِمْ هَذَا مَعَ مَا أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمِيثَاقِ لَيُبَيِّنُنَّ الْحَقَّ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ كَقَوْلِهِ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قال فيما يتمنون عَلَى اللَّهِ مِنْ غُفْرَانِ ذُنُوبِهِمُ الَّتِي لَا يَزَالُونَ يَعُودُونَ فِيهَا وَلَا يَتُوبُونَ مِنْهَا.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ يرغبهم فِي جَزِيلِ ثَوَابِهِ وَيُحَذِّرُهُمْ مِنْ وَبِيلِ عِقَابِهِ، أَيْ وَثَوَابِي وَمَا عِنْدِي خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى الْمَحَارِمَ وَتَرَكَ هَوَى نَفْسِهِ وَأَقْبَلَ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ يَقُولُ أَفَلَيِسَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اعْتَاضُوا بِعَرَضِ الدُّنْيَا عَمَّا عِنْدِي عَقْلٌ يَرْدَعُهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ السَّفَهِ وَالتَّبْذِيرِ، ثُمَّ أَثْنَى تَعَالَى عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِكِتَابِهِ الَّذِي يَقُودُهُ إِلَى اتِّبَاعِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ فَقَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ أَيْ اعْتَصَمُوا بِهِ وَاقْتَدَوْا بِأَوَامِرِهِ، وَتَرَكُوا زَوَاجِرَهُ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٧١]]

وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١)

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس قوله وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ يَقُولُ رَفَعْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ [النِّسَاءِ: ١٥٤] وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَفَعَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَوْقَ رؤوسهم وهو قوله وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ وَقَالَ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ثُمَّ سار بهم موسى عليه السلام إلى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَخَذَ الْأَلْوَاحَ بَعْدَ مَا سَكَتَ عنه الغضب وأمرهم بالذي أمر الله أَنْ يُبَلِّغَهُمْ مِنَ الْوَظَائِفِ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ وَأَبَوْا أن يقروا بها حتى نتق اللَّهُ الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ قَالَ: رَفَعَتْهُ الملائكة فوق رؤوسهم رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِطُولِهِ.

وَقَالَ سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ هَذَا كِتَابٌ أَتَقْبَلُونَهُ بِمَا فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ بَيَانَ مَا أُحِلَّ لَكُمْ وَمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَمَا أَمَرَكُمْ وَمَا نَهَاكُمْ؟ قَالُوا: انْشُرْ عَلَيْنَا مَا فيها فإن كانت فرائضها وحدودها يسيرة قَبِلْنَاهَا. قَالَ: اقْبَلُوهَا بِمَا فِيهَا قَالُوا: لَا حَتَّى نَعْلَمَ مَا فِيهَا كَيْفَ حُدُودُهَا وَفَرَائِضُهَا فراجعوه مِرَارًا فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْجَبَلِ فَانْقَلَعَ فَارْتَفَعَ في السماء حتى إذا كان بين رؤوسهم وَبَيْنَ السَّمَاءِ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلَا تَرَوْنَ مَا يَقُولُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ لَئِنْ لَمْ تَقْبَلُوا التَّوْرَاةَ بِمَا فِيهَا لَأَرْمِيَنَّكُمْ بِهَذَا الْجَبَلِ قَالَ: فَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.

قَالَ: لَمَّا نَظَرُوا إِلَى الْجَبَلِ خَرَّ كُلُّ رَجُلٍ سَاجِدًا عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْسَرِ وَنَظَرَ بِعَيْنِهِ الْيُمْنَى إِلَى الْجَبَلِ فَرِقًا مِنْ أَنْ يَسْقُطَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَيْسَ الْيَوْمَ فِي الْأَرْضِ يَهُودِيٌّ يَسْجُدُ إِلَّا عَلَى حاجبه

<<  <  ج: ص:  >  >>