للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكسوفات، فإن الكواكب السبعة السيارة يكسف بعضها بعضا فأدناها القمر في السماء الدنيا، وهو يكسف ما فوقه، وعطارد في الثانية، والزهرة في الثالثة، والشمس في الرابعة، والمريخ في الخامسة، والمشتري في السادسة، وزحل في السابعة.

وأما بقية الكواكب وهي الثوابت ففي فلك ثامن يسمونه فلك الثوابت، والمتشرعون منهم يقولون هو الكرسي، والفلك التاسع وهو الأطلس والأثير عندهم الذي حركته على خلاف حركة سائر الأفلاك، وذلك أن حركته مبدأ الحركات وهي من المغرب إلى المشرق، وسائر الأفلاك عكسه من المشرق إلى المغرب ومعها يدور سائر الكواكب تبعا ولكن للسيارة حركة معاكسة لحركة أفلاكها فإنها تسير من المغرب إلى المشرق، وكل يقطع فلكه بحسبه، فالقمر يقطع فلكه في كل شهر مرة، والشمس في كل سنة مرة، وزحل في كل ثلاثين سنة مرة، وذلك بحسب اتساع أفلاكها وإن كانت حركة الجميع في السرعة متناسبة، هذا ملخص ما يقولونه في هذا المقام على اختلاف بينهم في مواضع كثيرة لسنا بصدد بيانها وإنما المقصود أن الله خلق سبع سموات طباقا ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً﴾ أي فاوت بينهما في الاستنارة فجعل كلا منهما أنموذجا على حدة ليعرف الليل والنهار بمطلع الشمس ومغيبها، وقدر للقمر منازل وبروجا وفاوت نوره فتارة يزداد حتى يتناهى ثم يشرع في النقص حتى يستتر ليدل على مضي الشهور والأعوام، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: ٥].

وقوله تعالى: ﴿وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً﴾ هذا اسم مصدر والإتيان به هاهنا أحسن ﴿ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها﴾ أي إذا متم ﴿وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً﴾ أي يوم القيامة يعيدكم كما بدأكم أول مرة ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً﴾ أي بسطها ومهدها وقررها وثبتها بالجبال الراسيات الشم الشامخات ﴿لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً﴾ أي خلقها لكم لتستقروا عليها وتسلكوا فيها أين شئتم من نواحيها وأرجائها وأقطارها، وكل هذا مما ينبههم به نوح على قدرة الله وعظمته في خلق السموات والأرض ونعمه عليهم فيما جعل لهم من المنافع السماوية والأرضية، فهو الخالق الرزاق جعل السماء بناء والأرض مهادا وأوسع على خلقه من رزقه، فهو الذي يجب أن يعبد ويوحد ولا يشرك به أحد لأنه لا نظير له ولا عديل ولا ند ولا كفء، ولا صاحبة ولا ولد ولا وزير ولا مشير بل هو العلي الكبير.

[[سورة نوح (٧١): الآيات ٢١ إلى ٢٤]]

﴿قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاِتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظّالِمِينَ إِلاّ ضَلالاً (٢٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>