عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره بنحوه، والله أعلم، وقد رواه أبو القاسم الطبراني عن عبدان ابن أحمد عن عيسى بن يونس الرملي عن أيوب بن سويد عن المسعودي عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾ قال: من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يتبعه عوفي مما كان يبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف.
يقول تعالى آمرا رسوله صلواته وسلامه عليه أن يقول للمشركين ﴿إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أي متبعون على ذلك مستسلمون منقادون له ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أي تركوا ما دعوتهم إليه ﴿فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ﴾ أي أعلمتكم أني حرب لكم كما أنكم حرب لي بريء منكم كما أنتم برآء مني، كقوله: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: ٤١] وقال: ﴿وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ﴾ [الأنفال: ٥٨] أي ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء، وهكذا هاهنا ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ﴾ أي أعلمتكم ببراءتي منكم وبراءتكم مني لعلمي بذلك.
وقوله: ﴿وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ﴾ أي هو واقع لا محالة، ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ﴾ اي إن الله يعلم الغيب جميعه ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون، يعلم الظواهر والضمائر، ويعلم السر وأخفى، ويعلم ما العباد عاملون في أجهارهم وأسرارهم، وسيجزيهم على ذلك القليل والجليل. وقوله:
﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾ أي وما أدري لعل هذا فتنة لكم ومتاع إلى حين.
قال ابن جرير (١): لعل تأخير ذلك عنكم فتنة لكم ومتاع إلى أجل مسمى، وحكاه عون عن ابن عباس فالله أعلم ﴿قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ أي افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق. قال قتادة: كانت الأنبياء ﵈ يقولون: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ﴾ [الأعراف: ٨٩] وأمر رسول الله ﷺ أن يقول ذلك، وعن مالك عن زيد بن أسلم:
كان رسول الله ﷺ إذا شهد قتالا ﴿قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾. وقوله: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ﴾ أي على ما يقولون ويفترون من الكذب ويتنوعون في مقامات التكذيب والإفك، والله المستعان عليكم في ذلك.