للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم» (١) وفي الصحيحين «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» (٢) الحديث.

وقال تعالى في كتابه العزيز ﴿وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥] وقوله تعالى: ﴿وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ [الزخرف: ٤٥] وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦] إلى غير ذلك من الآيات.

وقد قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ ما روى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قوله ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ قال كان في علمه تعالى يوم أقروا له بالميثاق (٣)، أي فما كانوا ليؤمنوا لعلم الله منهم ذلك، وكذا قال الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب عن أنس، واختاره ابن جرير (٤)، وقال السدي ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ قال: ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرها (٥)، وقال مجاهد في قوله ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ هذا كقوله ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا﴾ [الأنعام: ٢٨] الآية (٦).

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٠٣]]

﴿ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣)

يقول تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ أي الرسل المتقدم ذكرهم كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب صلوات الله وسلامه عليهم وعلى سائر أنبياء الله أجمعين ﴿مُوسى بِآياتِنا﴾ أي بحججنا ودلائلنا البينة إلى فرعون، وهو ملك مصر في زمن موسى ﴿وَمَلائِهِ﴾ أي قومه ﴿فَظَلَمُوا بِها﴾ أي جحدوا وكفروا بها ظلما منهم وعنادا، وكقوله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [النمل: ١٤] أي الذين صدوا عن سبيل الله وكذبوا رسله، أي انظر يا محمد كيف فعلنا بهم وأغرقناهم عن آخرهم بمرأى من موسى وقومه، وهذا أبلغ في النكال بفرعون وقومه وأشفى لقلوب أولياء الله موسى وقومه من المؤمنين به.


(١) أخرجه مسلم في الجنة حديث ٦٣.
(٢) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٨٠، ومسلم في القدر حديث ٢٢، ٢٣، ٢٤.
(٣) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٢.
(٤) تفسير الطبري ٦/ ١٣.
(٥) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٢.
(٦) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٢، ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>