عن ربعي بن خراش عن زيد بن بيان عن أبي ذر بأبسط من هذا السياق وأتم، وقد أوردناه في مواضع أخر ولله الحمد.
وعن كعب الأحبار أنه قال: يقول الله تعالى لمحمد ﷺ: «عبدي المتوكل المختار ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، مولده بمكة وهجرته بطابة وملكه بالشام وأمته الحمادون يحمدون الله على كل حال، وفي كل منزلة لهم دوي كدوي النحل في جو السماء بالسحر، يوضون أطرافهم ويأتزرون على أنصافهم صفهم في القتال مثل صفهم في الصلاة» ثم قرأ ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ رعاة الشمس يصلون الصلاة حيث وأدركتهم لو على ظهر دابة. رواه ابن أبي حاتم.
وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ قال:
كان رسول الله ﷺ لا يقاتل العدو إلا أن يصافهم، وهذا تعليم من الله للمؤمنين. قال وقوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ أي ملتصق بعضه في بعض من الصف في القتال، وقال مقاتل بن حيان: ملتصق بعضه إلى بعض، وقال ابن عباس ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ مثبت لا يزول ملصق بعضه ببعض.
وقال قتادة ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يختلف بنيانه. فكذلك الله ﷿ لا يحب أن يختلف أمره وإن الله صف المؤمنين في قتالهم وصفهم في صلاتهم، فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به، أورد ذلك كله ابن أبي حاتم، وقال ابن جرير (١): حدثني سعيد بن عمرو السكوني، حدثنا بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن يحيى بن جابر الطائي عن أبي بحرية قال: كانوا يكرهون القتال على الخيل ويستحبون القتال على الأرض لقول الله ﷿: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ قال: وكان أبو بحرية يقول: إذا رأيتموني ألتفت في الصف فجؤوا في لحيي.
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران ﵇ أنه قال لقومه:
﴿لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ﴾ أي لم توصلون الأذى إلي وأنتم تعلمون صدقي فيما جئتكم به من الرسالة. وفي هذا تسلية لرسول الله ﷺ فيما أصابه من الكفار من قومه وغيرهم، وأمر له بالصبر ولهذا قال «رحمة الله على موسى: لقد أوذي بأكثر من هذا