يقول تعالى آمرا رسوله ﷺ أن يخبر قومه أن الجن استمعوا القرآن، فأمنوا به وصدقوه وانقادوا له، فقال تعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ أي إلى السداد والنجاح ﴿فَآمَنّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً﴾ وهذا المقام شبيه بقوله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾ [الأحقاف: ٢٩] وقد قدمنا الأحاديث الواردة في ذلك بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى:
﴿جَدُّ رَبِّنا﴾ أي فعله وأمره وقدرته. وقال الضحاك عن ابن عباس: جد الله آلاؤه وقدرته ونعمته على خلقه، وروي عن مجاهد وعكرمة: جلال ربنا، وقال قتادة: تعالى جلاله وعظمته وأمره، وقال السدي: تعالى أمر ربنا: وعن أبي الدرداء ومجاهد أيضا وابن جريج: تعالى ذكره وقال سعيد بن جبير: ﴿تَعالى جَدُّ رَبِّنا﴾ أي تعالى ربنا، فأما ما رواه ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سفيان عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: الجد أب ولو علمت الجن أن في الإنس جدا ما قالوا تعالى جد ربنا، فهذا إسناد جيد ولكن لست أفهم ما معنى هذا الكلام ولعله قد سقط شيء والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً﴾ أي تعالى عن اتخاذ الصاحبة والأولاد، أي قالت الجن: تنزه الرب ﷻ حين أسلموا وآمنوا بالقرآن عن اتخاذ الصاحبة والولد ثم قالوا ﴿وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً﴾ قال مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي ﴿سَفِيهُنا﴾ يعنون إبليس ﴿شَطَطاً﴾ قال السدي عن أبي مالك: ﴿شَطَطاً﴾ أي جورا، وقال ابن زيد: أي ظلما كبيرا ويحتمل أن يكون المراد بقولهم سفيهنا اسم جنس لكل من زعم أن لله صاحبة أو