للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَقُمْ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ- قَالَ- ثُمَّ انْجَلَتْ عَنِّي السَّحَابَةُ فأخذ بِيَدِي جِبْرِيلُ فَانْصَرَفْتُ سَرِيعًا، فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فلم يقل شَيْئًا، ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا صَنَعْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقُلْتُ فَرَضَ رَبِّي عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ فَلَنْ تَسْتَطِيعَهَا أَنْتَ وَلَا أُمَّتُكَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكَ، فَرَجَعْتُ سَرِيعًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الشَّجَرَةِ فَغَشِيَتْنِي السَّحَابَةُ وَرَفَضَنِي جِبْرِيلُ وَخَرَرْتُ ساجدا وقلت ربي إِنَّكَ فَرَضْتَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً وَلَنْ أَسْتَطِيعَهَا أَنَا وَلَا أُمَّتِي فَخَفِّفْ عَنَّا، قَالَ قَدْ وَضَعْتُ عَنْكُمْ عَشْرًا- قَالَ- ثُمَّ انجلت عني السحابة وأخذ بيدي جبريل- قال- فانصرفت سَرِيعًا حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ يَقُلْ لِي شَيْئًا، ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ لِي مَا صَنَعْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقُلْتُ وَضَعَ عني ربي عشرا قال فأربعون صَلَاةً لَنْ تَسْتَطِيعَهَا أَنْتَ وَلَا أُمَّتُكَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَذَلِكَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ وَخَمْسٍ بِخَمْسِينَ ثم أمره موسى أن يرجع فيسأله التخفيف فقال، «إني اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ تَعَالَى» .

قَالَ ثُمَّ انْحَدَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ: «ما لي لم آت أهل سماء إلا رحبوا بي وضحكوا لي غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السلام ورحب بي ولم يضحك لي» قَالَ:

يَا مُحَمَّدُ ذَاكَ مَالِكٌ، خَازِنُ جَهَنَّمَ، لَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ خُلِقَ وَلَوْ ضَحِكَ إِلَى أَحَدٍ لَضَحِكِ إِلَيْكَ، قَالَ ثُمَّ رَكِبَ مُنْصَرِفًا فبينا هو في بعض الطريق مَرَّ بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ تَحْمِلُ طَعَامًا، مِنْهَا جَمَلٌ عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ غِرَارَةٌ سَوْدَاءُ وَغِرَارَةٌ بَيْضَاءُ، فَلَمَّا حَاذَى بِالْعِيرِ نَفَرَتْ مِنْهُ وَاسْتَدَارَتْ وَصُرِعَ ذَلِكَ الْبَعِيرُ وَانْكَسَرَ، ثُمَّ إِنَّهُ مَضَى فَأَصْبَحَ فَأَخْبَرَ عَمَّا كَانَ، فَلَمَّا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ قَوْلَهُ أَتَوْا أَبَا بَكْرٍ فَقَالُوا يَا أَبَا بَكْرٍ هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِكَ؟ يُخْبِرُ أَنَّهُ أَتَى فِي ليلته هذه مسيرة شهر ورجع في ليلته، فقال أبو بَكْرٍ هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِكَ؟ يُخْبِرُ أَنَّهُ أتى في ليلته هذه مسيرة شهر ورجع فِي لَيْلَتِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ كَانَ قَالَهُ فَقَدْ صَدَقَ وَإِنَّا لنصدقه فيما هو أبعد من هذا لنصدقه عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَلَامَةُ مَا تَقُولُ قَالَ مَرَرْتُ بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ وَهِيَ فِي مكان كذا وكذا فنفرت الإبل مِنَّا وَاسْتَدَارَتْ وَفِيهَا بَعِيرٌ عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ غِرَارَةٌ سَوْدَاءُ وَغِرَارَةٌ بَيْضَاءُ فَصُرِعَ فَانْكَسَرَ فَلَمَّا قَدِمَتِ الْعِيرُ سَأَلُوهُمْ فَأَخْبَرُوهُمُ الْخَبَرَ عَلَى مِثْلِ مَا حدثهم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ ذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَسَأَلُوهُ وَقَالُوا هل كان فيمن حضر معك موسى وعيسى؟ قال نعم قالوا فصفهم لنا قال: «أَمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ آدَمُ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَزْدِ عَمَّانَ، وَأَمَّا عِيسَى فَرَجَلٌ رَبْعَةٌ سَبْطٌ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ كَأَنَّمَا يَتَحَادَرُ مِنْ شَعْرِهِ الْجُمَانُ» «١» . هَذَا سِيَاقٌ فِيهِ غَرَائِبُ عَجِيبَةٌ.

رِوَايَةُ أَنَسٍ بن مالك عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هُمَامٌ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ مَالِكَ بْنَ صَعْصَعَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ به قال: «بينما أنا في الحطيم


(١) المسند ٤/ ٢٠٨، ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>