[الهمزة: ٨] أي مطبقة مغلقة، ويقال: وصيد وأصيد، ربض كلبهم على الباب كما جرت به عادة الكلاب.
قال ابن جريج: يحرس عليهم الباب، وهذا من سجيته وطبيعته حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم، وكان جلوسه خارج الباب، لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب، كما ورد في الصحيح:«ولا صورة ولا جنب ولا كافر»(١)، كما ورد به الحديث الحسن، وشملت كلبهم بركتهم فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذا فائدة صحبة الأخبار، فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن. وقد قيل: إنه كان كلب صيد لأحدهم، وهو الأشبه، وقيل: كلب طباخ الملك، وقد كان وافقهم على الدين وصحبه كلبه، فالله أعلم.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة همام بن الوليد الدمشقي: حدثنا صدقة بن عمر الغساني، حدثنا عباد المنقري، سمعت الحسن البصري يقول: كان اسم كبش إبراهيم ﵊ جرير، واسم هدهد سليمان ﵇ عنقز، واسم كلب أصحاب الكهف قطمير، واسم عجل بني إسرائيل الذي عبدوه بهموت، وهبط آدم ﵇ بالهند، وحواء بجدة، وإبليس بدست بيسان، والحية بأصفهان، وقد تقدم عن شعيب الجبائي أنه سماه حمران، واختلفوا في لونه على أقوال لا حاصل لها ولا طائل تحتها ولا دليل عليها ولا حاجة إليها، بل هي مما ينهى عنه، فإن مستندها رجم بالغيب.
وقوله تعالى: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً﴾ أي أنه تعالى ألقى عليهم المهابة بحيث لا يقع نظر أحد عليهم إلا هابهم لما ألبسوا من المهابة والذعر، لئلا يدنو منهم أحد ولا تمسهم يد لامس، حتى يبلغ الكتاب أجله، وتنقضي رقدتهم التي شاء ﵎ فيهم، لما له في ذلك من الحكمة والحجة البالغة والرحمة الواسعة.
يقول تعالى كما أرقدناهم بعثناهم صحيحة أبدانهم وأشعارهم وأبصارهم لم يفقدوا من أحوالهم وهيآتهم شيئا وذلك بعد ثلاثمائة سنة وتسع سنين، ولهذا تساءلوا بينهم ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ أي كم رقدتم؟ ﴿قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ لأنه كان دخولهم إلى الكهف في أول نهار، واستيقاظهم كان في آخر نهار، ولهذا استدركوا فقالوا: ﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ﴾
(١) أخرجه أبو داود في الطهارة باب ٨٩، واللباس باب ١٢٩، والنسائي في الطهارة باب ١٦٧، والدارمي في الاستئذان باب ٣٤، وأحمد في المسند ١/ ٨٠، ٨٢، ١٠٧، ١٣٩، ١٥٠.