للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إياه وبما يردون عليك من الحق كفرا وعنادا.

[[سورة النساء (٤): الآيات ٨٠ إلى ٨١]]

﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١)

يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد بأن من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله، وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. قال ابن أبي حاتم:

حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال:

قال رسول الله : «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني» وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن الأعمش به. وقوله: ﴿وَمَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ أي ما عليك منه إن عليك إلا البلاغ فمن اتبعك سعد ونجا، وكان لك من الأجر نظير ما حصل له، ومن تولى عنك خاب وخسر وليس عليك من أمره شيء، كما جاء في الحديث «من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه».

وقوله: ﴿وَيَقُولُونَ طاعَةٌ﴾ يخبر تعالى عن المنافقين بأنهم يظهرون الموافقة والطاعة ﴿فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ﴾ أي خرجوا وتواروا عنك ﴿بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ أي استسروا ليلا فيما بينهم بغير ما أظهروه لك، فقال تعالى: ﴿وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ﴾ أي يعلمه ويكتبه عليهم بما يأمر به حفظته الكاتبين الذين هم موكلون بالعباد، والمعنى في هذا التهديد أنه تعالى يخبر بأنه عالم بما يضمرونه ويسرونه فيما بينهم، وما يتفقون عليه ليلا من مخالفة الرسول وعصيانه وإن كانوا قد أظهروا له الطاعة والموافقة، وسيجزيهم على ذلك، كما قال تعالى:

﴿وَيَقُولُونَ آمَنّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا﴾ [النور: ٤٧]، وقوله: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ أي اصفح عنهم واحلم عليهم ولا تؤاخذهم، ولا تكشف أمورهم للناس، ولا تخف منهم أيضا ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً﴾ أي كفى به وليا وناصرا ومعينا لمن توكل عليه وأناب إليه.

[[سورة النساء (٤): الآيات ٨٢ إلى ٨٣]]

﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢) وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً (٨٣)

يقول تعالى آمرا لهم بتدبر القرآن وناهيا لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة، ومخبرا لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب، ولا تعارض لأنه تنزيل من حكيم حميد فهو حق من حق، ولهذا قال تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>