وقال مجاهد أيضا: يوم الحج الأكبر أيام الحج كلها، وكذا قال أبو عبيد. قال سفيان: يوم الحج ويوم الجمل ويوم صفين أي أيامه كلها، وقال سهل السراج: سئل الحسن البصري عن يوم الحج الأكبر؟ فقال: ما لكم وللحج الأكبر ذاك عام حج فيه أبو بكر الذي استخلفه رسول الله ﷺ فحج بالناس رواه ابن أبي حاتم، وقال ابن جرير (١): حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبو أسامة عن ابن عون، سألت محمدا يعني ابن سيرين عن يوم الحج الأكبر، فقال: كان يوما وافق فيه حج رسول الله ﷺ وحج أهل الوبر.
هذا استثناء من ضرب مدة التأجيل بأربعة أشهر لمن له عهد مطلق ليس بمؤقت، فأجله أربعة أشهر يسيح في الأرض يذهب فيها لينجو بنفسه حيث شاء، إلا من له عهد مؤقت فأجله إلى مدته المضروبة التي عوهد عليها، وقد تقدمت الأحاديث ومن كان له عهد مع رسول الله ﷺ فعهده إلى مدته، وذلك بشرط أن لا ينقض المعاهد عهده ولم يظاهر على المسلمين أحدا أي يمالئ عليهم من سواهم، فهذا الذي يوفي له بذمته وعهده إلى مدته ولهذا حرض تعالى على الوفاء بذلك، فقال ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ أي الموفين بعهدهم.
اختلف المفسرون في المراد بالأشهر الحرم هاهنا ما هي؟ فذهب ابن جرير إلى أنها المذكورة في قوله تعالى: ﴿مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦] الآية، قال أبو جعفر الباقر، ولكن قال ابن جرير: آخر الأشهر الحرم في حقهم المحرم، وهذا الذي ذهب إليه حكاه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وإليه ذهب الضحاك أيضا وفيه نظر، والذي يظهر من حيث السياق ما ذهب إليه ابن عباس في رواية العوفي عنه، وبه قال مجاهد وعمرو بن شعيب ومحمد بن إسحاق وقتادة والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أن المراد بها أشهر التسيير الأربعة المنصوص عليها بقوله ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [التوبة: ٢] ثم قال: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾ أي إذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرمنا عليكم فيها قتالهم وأجلناهم فيها فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم لأن عود العهد على