للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهاجرين والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية (١)، وقال أبو موسى الأشعري وسعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين والحسن وقتادة، هم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله (٢)، وقال محمد بن كعب القرظي: مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ هذه الآية، ﴿وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ﴾ فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا؟ فقال:

أبي بن كعب، فقال: لا تفارقني حتى أذهب بك إليه، فلما جاءه قال عمر أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟ قال: نعم. قال: وسمعتها من رسول الله ؟ قال: نعم. قال: لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا، فقال أبي تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الجمعة: ٣] وفي سورة الحشر ﴿وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ [الحشر: ١٠] الآية، وفي الأنفال ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ … ﴿وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ﴾ [الأنفال:٧٥] الآية، ورواه ابن جرير (٣).

قال: وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤها برفع الأنصار عطفا على والسابقون الأولون، فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة ، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم. عياذا بالله من ذلك. وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من ؟ وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن ويسبون من سبه الله ورسوله، ويوالون من يوالي الله ويعادون من يعادي الله وهم متبعون لا مبتدعون ويقتدون ولا يبتدئون، ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون.

[[سورة التوبة (٩): آية ١٠١]]

﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (١٠١)

يخبر تعالى رسوله صلوات الله وسلامه عليه أن في أحياء العرب ممن حول المدينة منافقون، وفي أهل المدينة أيضا منافقون ﴿مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ﴾ أي مرنوا واستمروا عليه، ومنه يقال شيطان مريد، ومارد ويقال تمرد فلان على الله أي عتا وتجبر، وقوله: ﴿لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ لا ينافي قوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾


(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ٤٥٣.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٤٥٤.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٤٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>