للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السائل هو أبو مالك الأشعري، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ألا هل من مُشَمِّرٌ إِلَى الْجَنَّةِ؟ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا، هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ، وَقَصْرٌ مَشِيدٌ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ، وَثَمَرَةٌ نَضِيجَةٌ، وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ. وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ، وَمَقَامٌ فِي أَبَدٍ فِي دَارٍ سَلِيمَةٍ، وَفَاكِهَةٍ وَخُضْرَةٍ وَحَبْرَةٍ وَنَعْمَةٍ فِي مَحَلَّةٍ عَالِيَةٍ بَهِيَّةٍ» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا، قَالَ: «قُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَقَالَ الْقَوْمُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ «١» .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ أَيْ رِضَا اللَّهِ عَنْهُمْ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ والخير في يديك. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟

فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا» «٢» أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحسين بن إسماعيل المحاملي: حدثنا الفضل الرجائي، حدثنا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا فَأَزِيدُكُمْ؟ قَالُوا يَا رَبَّنَا مَا خَيْرٌ مِمَّا أَعْطَيْتَنَا؟

قَالَ: رِضْوَانِي أَكْبَرُ» وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ صِفَةِ الْجَنَّةِ: هَذَا عِنْدِي عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، واللَّهُ أعلم.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧٣ الى ٧٤]

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٧٤)

أَمَرَ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِهَادِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَخْفِضَ جَنَاحَهُ لِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ مَصِيرَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ إِلَى النَّارِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعَةِ أَسْيَافٍ: سَيْفٍ لِلْمُشْرِكِينَ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ [التَّوْبَةِ: ٥] وَسَيْفٍ لكفار أَهْلِ الْكِتَابِ قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ


(١) كتاب الزهد باب ٣٩.
(٢) أخرجه البخاري في الرقاق باب ٥١، ومسلم في الإيمان حديث ٣٠٢، والجنة حديث ٩. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>