للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخدري قال: قال رسول الله : «إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا».

وقال السدي في قوله ﴿وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ﴾ الآية، إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان فشربوا من إحداهما فينزع ما في صدورهم من غل فهو الشراب الطهور واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعدها أبدا (١)، وقد روى أبو إسحاق عن عاصم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نحوا من هذا كما سيأتي في قوله تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً﴾ [الزمر: ٧٣] إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.

وقال قتادة: قال علي إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ رواه ابن جرير (٢). وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن عيينة عن إسرائيل قال سمعت الحسن يقول قال علي: فينا والله أهل بدر نزلت ﴿وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾.

وروى النسائي وابن مردويه واللفظ له من حديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول لولا أن الله هداني فيكون له شكرا وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول لو أن الله هداني فيكون له حسرة» ولهذا لما أورثوا مقاعد أهل النار من الجنة نودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون، أي بسبب أعمالكم نالتكم الرحمة فدخلتم الجنة وتبوأتم منازلكم بحسب أعمالكم.

وإنما وجب الحمل على هذا لما ثبت في الصحيحين عنه أنه قال «واعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة» قالوا ولا أنت يا رسول الله قال «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» (٣).

[[سورة الأعراف (٧): الآيات ٤٤ إلى ٤٥]]

﴿وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ (٤٤) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥)

يخبر تعالى بما يخاطب به أهل النار على وجه التقريع والتوبيخ إذا استقروا في منازلهم ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا﴾ أن هاهنا مفسرة للقول المحذوف وقد للتحقيق أي قالوا لهم


(١) انظر تفسير الطبري ٥/ ٤٩٣.
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٤٩٣.
(٣) أخرجه البخاري في الرقاق باب ١٨، والمرضى باب ١٩، ومسلم في المنافقين حديث ٧١، ٧٣، ٧٥، ٧٦، ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>