للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي قاله ابن عباس ، كقوله تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ﴾ [الأحزاب:٤٤]. وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا، وفي إسناده نظر، فإنه قال: حدثنا موسى بن يوسف، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدثنا أبو عاصم العباداني، حدثنا الفضل الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : «بينا أهل الجنة في نعيمهم، إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم، فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قوله تعالى:

﴿سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم». ورواه ابن ماجة (١) في كتاب السنة من سننه عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب به.

وقال ابن جرير (٢): حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، حدثنا حرملة عن سليمان بن حميد قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عن عمر بن عبد العزيز قال: إذا فرغ الله تعالى من أهل الجنة والنار، أقبل في ظلل من الغمام والملائكة، قال: فيسلم على أهل الجنة، فيردون عليه السلام، قال القرظي، وهذا في كتاب الله تعالى: ﴿سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ فيقول الله ﷿: سلوني، فيقولون: ماذا نسألك أي رب؟ قال: بلى سلوني، قالوا: نسألك أي رب رضاك، قال: رضائي أحلكم دار كرامتي، قالوا: يا رب فما الذي نسألك، فوعزتك وجلالك وارتفاع مكانك لو قسمت علينا رزق الثقلين لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم لا ينقصنا ذلك شيئا. قال تعالى إن لدي مزيدا، قال: فيفعل ذلك بهم في درجهم حتى يستوي في مجلسه، قال: ثم تأتيهم التحف من الله ﷿، تحملهم إليهم الملائكة، ثم ذكر نحوه.

وهذا خبر غريب، أورده ابن جرير من طرق، والله أعلم.

[[سورة يس (٣٦): الآيات ٥٩ إلى ٦٢]]

﴿وَاِمْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اُعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢)

يقول تعالى مخبرا عما يؤول إليه الكفار يوم القيامة من أمره لهم أن يمتازوا بمعنى يميزون عن المؤمنين في موقفهم، كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ﴾ [يونس: ٢٨] وقال ﷿: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ [الروم: ١٤] ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ [الروم: ٤٣] أي يصيرون صدعين فرقتين ﴿اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ﴾


(١) كتاب المقدمة باب ١٣.
(٢) تفسير الطبري ١٠/ ٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>