للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٢ الى ١٤]

وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٢) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣) وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)

لما أمر تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ وَمِيثَاقِهِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِمْ عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ بِالْحَقِّ، وَالشَّهَادَةِ بِالْعَدْلِ، وَذَكَّرَهُمْ نِعَمَهُ عَلَيْهِمُ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ فِيمَا هَدَاهُمْ لَهُ مِنَ الْحَقِّ وَالْهُدَى، شَرْعٌ يُبَيِّنُ لَهُمْ كَيْفَ أَخَذَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ: الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَلَمَّا نَقَضُوا عُهُودَهُ وَمَوَاثِيقَهُ أَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ لَعْنًا مِنْهُ لَهُمْ، وَطَرْدًا عَنْ بَابِهِ وَجَنَابِهِ، وَحِجَابًا لِقُلُوبِهِمْ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْعِلْمُ النَّافِعُ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، فَقَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً يَعْنِي عُرَفَاءَ عَلَى قَبَائِلِهِمْ بِالْمُبَايَعَةِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ هَذَا كَانَ لَمَّا تَوَجَّهَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقِتَالِ الْجَبَابِرَةِ، فَأُمِرَ بأن يقيم نقباء مِنْ كُلِّ سِبْطٍ نَقِيبٌ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَكَانَ مِنْ سِبْطِ رُوبَيْلَ شَامُونُ بْنُ زَكَورَ، وَمِنْ سِبْطِ شَمْعُونَ شَافَاطُ بْنُ حُرِّي، وَمِنْ سِبْطِ يَهُوذَا كَالِبُ بْنُ يُوفِنَا، وَمِنْ سبط أبين ميخائيل بْنُ يُوسُفَ، وَمِنْ سِبْطِ يُوسُفَ وَهُوَ سَبْطُ أَفْرَايْمَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَمِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ فلطمى بن رفون ومن سبط زبولون جدي بن سودى ومن سبط منشا بن يوسف جدي بن موسى ومن سبط دان حملائيل بن حمل وَمِنْ سِبْطِ أَسِيرٍ سَاطُورُ بْنُ مُلْكِيلَ، وَمِنْ سبط نفثالي نحر بْنُ وَفْسَى، وَمِنْ سِبْطِ جَادٍ جَوْلَايِلُ بْنُ مَيْكِي.

وَقَدْ رَأَيْتُ فِي السِّفْرِ الرَّابِعِ مِنَ التَّوْرَاةِ تَعْدَادَ النُّقَبَاءِ عَلَى أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وأسماء مخالفة لم ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ فِيهَا: فعلى بني روبيل اليصور بْنُ سَادُونَ، وَعَلَى بَنِي شَمْعُونَ شَمْوَالُ بْنُ صورشكي، وعلى بني يهوذا يحشون بن عمياذاب، وَعَلَى بَنِي يسَاخرَ شَالُ بْنُ صَاعُونَ، وَعَلَى بني زبولون الياب بن حالوب، وعلى بني إِفْرَايِمُ منشا بْنُ عمنهودَ، وَعَلَى بَنِي مَنَشا حمليائيلُ بْنُ يرصونَ، وَعَلَى بَنِي بِنْيَامِينَ أبيدنُ بْنُ جَدْعُونَ، وَعَلَى بَنِي دَانٍ جَعَيْذَرُ بْنُ عميشذي، وَعَلَى بَنِي أَسِيرٍ نَحَايِلُ بْنُ عَجْرَانَ، وَعَلَى بَنِي حَازَ السَّيْفُ بْنُ دَعْوَايِيلَ، وَعَلَى بَنِي نَفْتَالِي أَجْزَعُ بْنُ عَمْينَانَ.

وَهَكَذَا لَمَّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، كَانَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ نَقِيبًا: ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ: وَهُمْ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَرِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَيُقَالُ بَدَلُهُ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ رضي الله عنه، وَتِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ وَهُمْ: أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ، وَالْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَعِبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حرام، والمنذر بن عمر بن حنيش رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَدْ ذَكَرَهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي شِعْرٍ لَهُ، كَمَا أَوْرَدَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا عَرْفَاءَ عَلَى قَوْمِهِمْ لَيْلَتَئِذٍ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَهُمُ الذين ولوا المعاقدة

<<  <  ج: ص:  >  >>