للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الأنفال (٨): الآيات ٩ إلى ١٠]]

﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)

قال الإمام أحمد (١): حدثنا أبو نوح قراد، حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا سماك الحنفي أبو زميل، حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر، نظر النبي إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي القبلة وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال «اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا» قال فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه ثم قال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله ﷿ ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾.

فلما كان يومئذ التقوا، فهزم الله المشركين فقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا، واستشار رسول الله أبا بكر وعمر وعليا فقال أبو بكر: يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذناه منهم قوة لنا على الكفار وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا فقال رسول الله «ما ترى يا ابن الخطاب؟» قال:

قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكني أرى أن تمكني من فلان قريب لعمر فأضرب عنقه وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله أن ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم.

فهوي رسول الله ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت وأخذ منهم الفداء فلما كان من الغد قال عمر فغدوت إلى النبي وأبي بكر وهما يبكيان فقلت: ما يبكيك أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. قال النبي «للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة» لشجرة قريبة من النبي وأنزل الله ﷿ ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ -إلى قوله- ﴿فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً﴾ [الأنفال: ٦٩] فأحل لهم الغنائم.

فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي عن النبي وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه فأنزل الله ﴿أَوَلَمّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٦٥] بأخذكم الفداء (٢).

ورواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن مردويه من طرق عن عكرمة بن عمار به


(١) المسند ١/ ٣٠، ٣١.
(٢) أخرجه مسلم في الجهاد حديث ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>