المسلمين عن الجهاد ﴿قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ﴾ أي وعد الله أهل الحديبية قبل سؤالكم الخروج معهم ﴿فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا﴾ أي أن نشرككم في المغانم ﴿بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاّ قَلِيلاً﴾ أي ليس الأمر كما زعموا ولكن لا فهم لهم.
اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين يدعون إليهم الذين هم أولو بأس شديد على أقوال [أحدها] أنهم هوازن، رواه شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أو عكرمة أو جميعا، ورواه هشيم عن أبي بشر عنهما وبه يقول قتادة في رواية عنه [الثاني] ثقيف، قاله الضحاك. [الثالث] بنو حنيفة، قاله جويبر ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري وروي مثله عن سعيد وعكرمة.
[الرابع] هم أهل فارس، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﵄، وبه يقول عطاء ومجاهد وعكرمة في إحدى الروايات عنه. وقال كعب الأحبار: هم الروم، وعن ابن أبي ليلى وعطاء والحسن وقتادة: وهم فارس والروم، وعن مجاهد: هم أهل الأوثان، وعنه أيضا:
هم رجال أولو بأس شديد، ولم يعين فرقة، وبه يقول ابن جريج وهو اختيار ابن جرير. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الأشج، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق القواريري عن معمر عن الزهري في قوله تعالى: ﴿سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ قال: لم يأت أولئك بعد.
وحدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان عن ابن أبي خالد عن أبيه عن أبي هريرة ﵁ في قوله تعالى: ﴿سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ قال: هم البارزون قال وحدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين ذلف الآنف، كأن وجوههم المجان المطرقة» قال سفيان: هم الترك، قال ابن أبي عمر: وجدت في مكان آخر، حدثنا ابن أبي خالد عن أبيه قال: نزل علينا أبو هريرة ﵁ ففسر قول رسول الله ﷺ: «تقاتلوا قوما نعالهم الشعر» قال: هم البارزون يعني الأكراد، وقوله تعالى: ﴿تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ يعني شرع لكم جهادهم وقتالهم، فلا يزال ذلك مستمرا عليهم، ولكم النصرة عليهم أو يسلمون فيدخلون في دينكم بلا قتال بل باختيار.
ثم قال ﷿: ﴿فَإِنْ تُطِيعُوا﴾ أي تستجيبوا وتنفروا في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه ﴿يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ يعني زمن الحديبية حيث دعيتم فتخلفتم ﴿يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً﴾. ثم ذكر تعالى الأعذار في ترك الجهاد فمنها لازم كالعمى