للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جرير (١): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا أبو هلال عن قتادة، عن الحسن، قال: قال عمر بن الخطاب: لقد هممت أن لا أدع أحدا أصاب فاحشة في الإسلام أن يتزوج محصنة، فقال له أبي بن كعب: يا أمير المؤمنين، الشرك أعظم من ذلك، وقد يقبل منه إذا تاب، وسيأتي الكلام على هذه المسألة مستقصى عند قوله: ﴿الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٦]، ولهذا قال تعالى هاهنا ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾.

[[سورة المائدة (٥): آية ٦]]

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَاِمْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)

قال كثيرون من السلف في قوله: ﴿إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾: يعني وأنتم محدثون، وقال آخرون: إذا قمتم من النوم إلى الصلاة، وكلاهما قريب. وقال آخرون: بل المعنى أعم من ذلك، فالآية آمرة بالوضوء عند القيام إلى الصلاة، ولكن هو في حق المحدث واجب، وفي حق المتطهر ندب، وقد قيل: إن الأمر بالوضوء لكل صلاة كان واجبا في ابتداء الإسلام، ثم نسخ، وقال الإمام أحمد بن حنبل (٢): حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان النبي يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ ومسح على خفيه وصلّى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله، إنك فعلت شيئا لم تكن تفعله. قال «إني عمدا فعلته يا عمر»، وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من حديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد، ووقع في سنن ابن ماجة عن سفيان، عن محارب بن دثار بدل علقمة بن مرثد، كلاهما عن سليمان بن بريدة به، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقال ابن جرير (٣): حدثنا محمد بن عباد بن موسى، أخبرنا زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي، حدثنا الفضل بن المبشر قال: رأيت جابر بن عبد الله يصلي الصلوات بوضوء واحد، فإذا بال أو أحدث، توضأ ومسح بفضل طهوره الخفين، فقلت: أبا عبد الله، أشيء تصنعه برأيك؟ قال: بل رأيت النبي يصنعه، فأنا أصنعه كما رأيت رسول الله يصنعه، وكذا رواه


(١) تفسير الطبري ٤/ ٤٤٥.
(٢) مسند أحمد ٥/ ٣٥٨.
(٣) تفسير الطبري ٤/ ٤٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>