للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة النساء (٤): الآيات ٥٣ إلى ٥٥]]

﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النّاسَ نَقِيراً (٥٣) أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (٥٥)

يقول تعالى: أم لهم نصيب من الملك، وهذا استفهام إنكاري، أي ليس لهم نصيب من الملك ثم وصفهم بالبخل، فقال: ﴿فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النّاسَ نَقِيراً﴾، أي لأنهم لو كان لهم نصيب في الملك والتصرف لما أعطوا أحدا من الناس ولا سيما محمدا شيئا، ولا ما يملأ النقير وهو النقطة التي في النواة في قول ابن عباس والأكثرين. وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ﴾ [لإسراء: ١٠٠] أي خوف أن يذهب ما بأيديكم مع أنه لا يتصور نفاده وإنما هو من بخلكم وشحكم، ولهذا قال تعالى: ﴿وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً﴾ [الإسراء: ١٠٠] أي بخيلا، ثم قال ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ يعني بذلك حسدهم النبي على ما رزقه الله من النبوة العظيمة، ومنعهم من تصديقهم إياه حسدهم له، لكونه من العرب وليس من بني إسرائيل. وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا قيس بن الربيع عن السدي، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ﴾ الآية، قال ابن عباس: نحن الناس دون الناس، قال الله تعالى: ﴿فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾ أي فقد جعلنا في أسباط بني إسرائيل، الذين هم من ذرية إبراهيم النبوة وأنزلنا عليهم الكتب وحكموا فيهم بالسنن، وهي الحكمة، وجعلنا منهم الملوك ومع هذا ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾، أي بهذا الإيتاء وهذا الإنعام، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ﴾ أي كفر به وأعرض عنه وسعى في صد الناس عنه، وهو منهم ومن جنسهم أي من بني إسرائيل. فقد اختلفوا عليهم، فكيف بك يا محمد ولست من بني إسرائيل؟ وقال مجاهد: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾، أي بمحمد ، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ﴾، فالكفرة منهم أشد تكذيبا لك، وأبعد عما جئتهم به من الهدى، والحق المبين، ولهذا قال متوعدا لهم ﴿وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً﴾ أي وكفى بالنار عقوبة لهم على كفرهم وعنادهم ومخالفتهم كتب الله ورسله.

[[سورة النساء (٤): الآيات ٥٦ إلى ٥٧]]

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (٥٧)

يخبر تعالى عما يعاقب به في نار جهنم من كفر بآياته وصد عن رسله، فقال ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا﴾ الآية، أي ندخلهم نارا دخولا يحيط بجميع أجرامهم وأجزائهم، ثم أخبر عن دوام عقوبتهم ونكالهم، فقال ﴿كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ﴾ قال الأعمش عن ابن عمر: إذا احترقت جلودهم بدلوا جلودا غيرها بيضاء أمثال القراطيس،

<<  <  ج: ص:  >  >>