يقول تعالى، وكما جعلنا في قريتك يا محمد أكابر من المجرمين، ورؤساء ودعاة إلى الكفر، والصد عن سبيل الله، وإلى مخالفتك وعداوتك، كذلك كانت الرسل من قبلك يبتلون بذلك، ثم تكون لهم العاقبة، كما قال تعالى: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الفرقان: ٣١] الآية، وقال تعالى: ﴿وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها﴾ [الإسراء: ١٦] الآية، قيل معناه: أمرناهم بالطاعة فخالفوا، فدمرناهم، قيل: أمرناهم أمرا قدريا، كما قال هاهنا ﴿لِيَمْكُرُوا فِيها﴾ وقوله تعالى: ﴿أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها﴾ قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها﴾ قال: سلطنا شرارهم فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب.
وقال مجاهد وقتادة ﴿أَكابِرَ مُجْرِمِيها﴾ عظماؤها (١)، قلت: وهكذا قوله تعالى:
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، قال: كل مكر في القرآن فهو عمل.
وقوله تعالى: ﴿وَما يَمْكُرُونَ إِلاّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ﴾ أي وما يعود وبال مكرهم ذلك وإضلالهم من أضلوه إلا على أنفسهم، كما قال تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ﴾ [العنكبوت: ١٣] وقال ﴿وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ [النحل: ٢٥].
وقوله تعالى: ﴿وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ﴾ أي إذا جاءتهم آية وبرهان وحجة قاطعة، قالوا ﴿لَنْ نُؤْمِنَ حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ﴾ أي حتى تأتينا الملائكة من الله بالرسالة، كما تأتي إلى الرسل، كقوله جل وعلا