للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول تعالى ما يدفع الحق ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان ﴿إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه ﴿فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ﴾ أي في أموالها ونعيمها وزهرتها كما قال جل وعلا: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ﴾ [آل عمران: ١٩٦ - ١٩٧] وقال ﷿: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤] ثم قال تعالى مسليا لنبيه محمد في تكذيب من كذبه من قومه بأن له أسوة فيمن سلف من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنه قد كذبهم أممهم وخالفوهم وما آمن بهم منهم إلا قليل فقال: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ وهو أول رسول بعثه الله ينهى عن عبادة الأوثان ﴿وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ أي من كل أمة ﴿وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ﴾ أي حرصوا على قتله بكل ممكن ومنهم من قتل رسوله ﴿وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ أي ما حلوا (١) بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي.

وقد قال أبو القاسم الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا عارم أبو النعمان حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي قال: «من أعان باطلا ليدحض به حقا فقد برئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله » وقوله جلت عظمته: ﴿فَأَخَذْتُهُمْ﴾ أي أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الآثام والذنوب العظام ﴿فَكَيْفَ كانَ عِقابِ﴾ أي فكيف بلغك عذابي لهم ونكالي بهم قد كان شديدا موجعا مؤلما. قال قتادة كان والله شديدا. وقوله : ﴿وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النّارِ﴾ أي كما حقت كلمة العذاب على الذين كفروا من الأمم السالفة كذلك حقت على المكذبين من هؤلاء الذين كذبوك وخالفوك يا محمد بطريق الأولى والأحرى لأن من كذبك فلا وثوق له بتصديق غيرك، والله أعلم.

[[سورة غافر (٤٠): الآيات ٧ إلى ٩]]

﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاِتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)

يخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حملة العرش الأربعة ومن حوله من الملائكة الكروبيين (٢) بأنهم يسبحون بحمد ربهم أي يقرنون بين التسبيح الدال على نفي النقائص


(١) ما حل: أي دافع وحاول، من المحال وهو الكيد، وقيل: المكر.
(٢) الكروبيون: هم سادة الملائكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>