للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح ﴿وَيُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ أي خاشعون له أذلاء بين يديه وأنهم ﴿يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي من أهل الأرض ممن آمن بالغيب فقيض الله تعالى ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام كانوا يؤمنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب كما ثبت في صحيح مسلم «إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك بمثله» (١).

وقد قال الإمام أحمد (٢) حدثنا عبد الله بن محمد وهو ابن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أن رسول الله قال: «صدق أمية بن أبي الصلت في شيء من شعره» فقال: [الطويل] زحل وثور تحت رجل يمينه … والنسر للأخرى وليث مرصد (٣)

فقال رسول الله : «صدق» فقال: [الطويل] والشمس تطلع كل آخر ليلة … حمراء يصبح لونها يتورد

تأبى فما تطلع لنا في رسلها … إلا معذبة وإلا تجلد

فقال رسول الله : «صدق» وهذا إسناد جيد وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة كانوا ثمانية كما قال تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧].

وهنا سؤال وهو أن يقال ما الجمع بين المفهوم من هذه الآية ودلالة هذا الحديث؟ وبين الحديث الذي رواه أبو داود حدثنا محمد بن الصباح البزار حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال:

كنت بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال: «ما تسمون هذه؟» قالوا السحاب، قال: «والمزن» قالوا والمزن قال: «والعنان» قالوا والعنان (٤)، قال أبو داود ولم أتقن العنان جيدا، قال: «هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟» قالوا لا ندري، قال «بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ثم السماء فوقها كذلك حتى عد سبع سموات، ثم فوق السماء السابعة بحر ما بين أسفله وأعلاه مثل بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهور هن


(١) أخرجه أبو داود في الوتر باب ٢٩.
(٢) المسند ١/ ٢٥٦.
(٣) الأبيات في الإصابة ١/ ١٣٤، وخزانة الأدب ١/ ١٢١، والشعر والشعراء ١/ ٤٦٠.
(٤) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ٦٩، باب ١، وأبو داود في السنة باب ١٨. وابن ماجة في المقدمة باب ١٣، وأحمد في المسند ١/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>