نظر. وقال البغوي: قرأ يعقوب «ليعلم» بالضم أي ليعلم الناس أن الرسل قد أبلغوا. ويحتمل أن يكون الضمير عائدا إلى الله ﷿، وهو قول حكاه ابن الجوزي في زاد المسير، ويكون المعنى في ذلك أنه يحفظ رسله بملائكته ليتمكنوا من أداء رسالاته ويحفظ ما ينزله إليهم من الوحي ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم، ويكون ذلك كقوله تعالى: ﴿وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ﴾ [البقرة: ١٤٣] وكقوله تعالى:
﴿وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ﴾ [العنكبوت: ١١] إلى أمثال ذلك مع العلم بأنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعا لا محالة، ولهذا قال بعد هذا ﴿وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾. آخر تفسير سورة الجن، ولله الحمد والمنة.
[تفسير سورة المزمل]
وهي مكية
قال الحافظ أبو بكر بن عمرو بن عبد الخالق البزار: حدثنا محمد بن موسى القطان الواسطي، حدثنا معلى بن عبد الرّحمن، حدثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا: سموا هذا الرجل اسما يصد الناس عنه، فقالوا: كاهن. قالوا: ليس بكاهن. قالوا: مجنون. قالوا: ليس بمجنون. قالوا: ساحر.
قالوا: ليس بساحر، فتفرق المشركون على ذلك فبلغ ذلك النبي ﷺ فتزمل في ثيابه وتدثر فيها. فأتاه جبريل ﵇ فقال: ﴿يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ ﴿يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ [المدثر: ١] ثم قال البزار: معلى بن عبد الرّحمن قد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه لكنه تفرد بأحاديث لا يتابع عليها.
يأمر تعالى رسوله ﷺ أن يترك التزمل وهو التغطي في الليل وينهض إلى القيام لربه ﷿ كما قال تعالى: ﴿تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة: ١٦] وكذلك كان ﷺ ممتثلا ما أمره الله تعالى به من قيام الليل، وقد كان واجبا