للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطهرون من الذنوب. وقال الأعمش التوبة من الذنوب والتطهر من الشرك، وقد ورد في الحديث المروي من طرق في السنن وغيرها أن رسول الله قال لأهل قباء: «قد أثنى الله عليكم في الطهور فماذا تصنعون؟» فقالوا نستنجي بالماء، وقد قال الحافظ أبو بكر البزار:

حدثنا عبد الله بن شبيب، حدثنا أحمد بن عبد العزيز قال: وجدته في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في أهل قباء ﴿فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ فسألهم رسول الله ، فقالوا إنا نتبع الحجارة بالماء رواه البزار، ثم قال: تفرد به محمد بن عبد العزيز عن الزهري ولم يرو عنه سوى ابنه، (قلت) وإنما ذكرته بهذا اللفظ لأنه مشهور بين الفقهاء ولم يعرفه كثير من المحدثين المتأخرين أو كلهم، والله أعلم.

[[سورة التوبة (٩): الآيات ١٠٩ إلى ١١٠]]

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (١٠٩) لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١١٠)

يقول تعالى لا يستوي من أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان ومن بنى مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل، فإنما يبني هؤلاء بنيانهم على شفا جرف هار، أي طرف حفيرة، مثاله ﴿فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ أي لا يصلح عمل المفسدين. قال جابر بن عبد الله: رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان على عهد رسول الله (١)، وقال ابن جريج: ذكر لنا أن رجالا حفروا فوجدوا الدخان يخرج منه (٢)، وكذا قال قتادة، وقال خلف بن ياسين الكوفي: رأيت مسجد المنافقين الذي ذكره الله تعالى في القرآن وفيه جحر يخرج منه الدخان وهو اليوم مزبلة، رواه ابن جرير (٣) .

وقوله تعالى: ﴿لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ أي شكا ونفاقا، بسبب إقدامهم على هذا الصنيع الشنيع أورثهم نفاقا في قلوبهم كما أشرب عابدو العجل حبه، وقوله: ﴿إِلاّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ أي بموتهم، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وزيد بن أسلم والسدي وحبيب بن أبي ثابت والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد من علماء السلف، ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ﴾ أي بأعمال خلقه ﴿حَكِيمٌ﴾ في مجازاتهم عنها من خير وشر.


(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ٤٧٩.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٤٧٩.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٤٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>