وقوله: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً﴾ أي وزوجها الذي طلقها أحق بردها، ما دامت في عدتها، إذا كان مراده بردها الإصلاح والخير، وهذا في الرجعيات، فأما المطلقات البوائن، فلم يكن حال نزول هذه الآية مطلقة بائن، وإنما كان ذلك لما حصروا في الطلقات الثلاث، فأما حال نزول هذه الآية، فكان الرجل أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة، فلما قصروا في الآية التي بعدها على ثلاث تطليقات، صار للناس مطلقة بائن، وغير بائن. وإذا تأملت هذا، تبين لك ضعف ما سلكه بعض الأصوليين من استشهادهم على مسألة عود الضمير، هل يكون مخصصا لما تقدمه من لفظ العموم أم لا بهذه الآية الكريمة، فإن التمثيل بها غير مطابق لما ذكروه، الله أعلم.
وقوله ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر، ما يجب عليه بالمعروف، كما ثبت في صحيح مسلم (١) عن جابر، أن رسول الله ﷺ، قال في خطبته في حجة الوداع «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف» وفي حديث بهز بن حكيم عن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده أنه قال: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا؟ قال «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسبت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت» وقال وكيع، عن بشير بن سليمان، عن عكرمة عن ابن عباس، قال: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة، لأن الله يقول ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم، وقوله ﴿وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ أي في الفضيلة في الخلق والخلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ﴾ [النساء: ٣٤].
وقوله ﴿وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ أي عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، حكيم في أمره وشرعه وقدره.