للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَابْنِ زَيْدٍ نَحْوُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ سَبِّحْ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ.

تَفْسِيرُ

سُورَةِ الْغَاشِيَةِ

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ قَدْ تَقَدَّمَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الْأَعْلَى: ١] وَالْغَاشِيَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ: بِمَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ؟ قال: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ «١» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ بِهِ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الغاشية (٨٨) : الآيات ١ الى ٧]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى نَارًا حامِيَةً (٤)

تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧)

الْغَاشِيَةُ: مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ لِأَنَّهَا تَغْشَى النَّاسَ وَتَعُمُّهُمْ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ تَقْرَأُ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ فَقَامَ يَسْتَمِعُ وَيَقُولُ: «نَعَمْ قَدْ جَاءَنِي» وقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ أَيْ ذَلِيلَةٌ قَالَهُ قَتَادَةُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَخْشَعُ وَلَا يَنْفَعُهَا عَمَلُهَا.

وقوله تعالى: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ أَيْ قَدْ عَمِلَتْ عَمَلًا كَثِيرًا وَنَصَبَتْ فِيهِ وَصَلِيَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا حَامِيَةً. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ يَقُولُ: مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله تعالى عَنْهُ بِدَيْرِ رَاهِبٍ، قَالَ فَنَادَاهُ يَا رَاهِبُ، فَأَشْرَفَ قَالَ فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَبْكِي، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا يُبْكِيكَ مِنْ هَذَا؟ قَالَ:

ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى نَارًا حامِيَةً فذاك الذي أبكاني.


(١) أخرجه مسلم في الجمعة حديث ٦٢، ٦٣، وأبو داود في الصلاة باب ٢٣٦، والنسائي في الجمعة باب ٣٩، ٤٠، وابن ماجة في الإقامة باب ٩٠، ١٥٧، ومالك في الجمعة حديث ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>