للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ قَالَ ابْنُ عباس رضي الله عنهما: اتقوا الشرك «١» لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ مَهْمَا طَلَبُوا وَجَدُوا ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ كما قال عز وجل فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ [الأحقاف: ١٦] .

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٣٦ الى ٤٠]

أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠)

يَقُولُ تَعَالَى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ «عِبَادَهُ» «٢» يَعْنِي أَنَّهُ تَعَالَى يَكْفِي مَنْ عَبَدَهُ وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هَاهُنَا: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي ابْنِ وهب حدثنا عَمِّي حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عبيد الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَفْلَحَ مَنْ هُدِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا وَقَنَعَ بِهِ» «٣» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ الْخَوْلَانِيِّ بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ صَحِيحٌ.

وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ يعني المشركين يخوفون الرسول صلى الله عليه وسلم ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دون الله جهلا منهم وضلالا ولهذا قال عز وجل: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ أَيْ مَنِيعِ الْجَنَابِ لَا يُضَامُ مَنِ اسْتَنَدَ إِلَى جَنَابِهِ وَلَجَأَ إِلَى بَابِهِ فَإِنَّهُ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا أَعَزَّ مِنْهُ وَلَا أَشَدَّ انْتِقَامًا مِنْهُ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَأَشْرَكَ وَعَانَدَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وقوله تعالى:


(١) تفسير الطبري ١١/ ٦.
(٢) انظر تفسير الطبري ١١/ ٧.
(٣) أخرجه مسلم في الزكاة حديث ١٢٥، والترمذي في الزهد باب ٣٥، وابن ماجة في الزهد باب ٩، وأحمد في المسند ٢/ ١٦٨، ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>