دخلوا المدينة: نحن مسلمون ليعلموا خبر رسول الله ﷺ وأمره، فإذا رجعوا رجعوا إلى الكفر، فلما أخبر الله نبيه ﷺ قطع ذلك عنهم، فلم يكونوا يدخلون، وكان المؤمنون يظنون أنهم مؤمنون فيقولون: أليس قد قال الله لكم كذا وكذا، فيقولون: بلى، فإذا وجه إلى قومهم، يعني الرؤساء، فقالوا: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ الآية.
وقال أبو العالية ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ يعني بما أنزل عليكم في كتابكم من محمد ﷺ، وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ قال: كانوا يقولون: سيكون نبي، فخلا بعضهم ببعض، ﴿قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ قول آخر في المراد بالفتح. قال ابن جريج: حدثني القاسم بن أبي برزة عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ قال: قام النبي ﷺ يوم قريظة تحت حصونهم، فقال: يا إخوان القردة والخنازير، ويا عبدة الطاغوت، فقالوا: من أخبر بهذا الأمر محمدا؟ ما خرج هذا القول إلا منكم ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ بما حكم الله للفتح يكون لهم حجة عليكم. قال ابن جريج عن مجاهد: هذا حين أرسل إليهم عليا فآذوا محمدا ﷺ. وقال السدي ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ من العذاب ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا، فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذبوا به، فقال بعضهم لبعض ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ من العذاب ليقولوا: نحن أحب إلى الله منكم، وأكرم على الله منكم. وقال عطاء الخراساني ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾ يعني بما قضى لكم وعليكم. وقال الحسن البصري: هؤلاء اليهود كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قال بعضهم: لا تحدثوا أصحاب محمد بما فتح الله عليكم مما في كتابكم ليحاجوكم به عند ربكم فيخصموكم.
وقوله تعالى: ﴿أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ﴾ قال أبو العالية: يعني ما أسروا من كفرهم بمحمد ﷺ وتكذيبهم به، وهم يجدونه مكتوبا عندهم، وكذا قال قتادة.
وقال الحسن ﴿أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ﴾ قال: كان ما أسروا أنهم كانوا إذا تولوا عن أصحاب محمد ﷺ وخلا بعضهم إلى بعض، تناهوا أن يخبر أحد منهم أصحاب محمد ﷺ بما فتح الله عليهم مما في كتابهم خشية أن يحاجهم أصحاب محمد ﷺ بما في كتابهم عند ربهم ﴿وَما يُعْلِنُونَ﴾ يعني حين قالوا لأصحاب محمد ﷺ: وآمنا. كذا قال أبو العالية والربيع وقتادة.