وحملت إليه خزائن الأموال من سائر الأقاليم بعدا وقربا: ففرقها على الوجه الشرعي.
والسبيل المرضي. ثم لما مات شهيدا وقد عاش حميدا. أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار على خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ﵁ شهيد الدار.
فكسى الإسلام رئاسته حلة سابغة. وامتدت في سائر الأقاليم على رقاب العباد حجة الله البالغة. فظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. وعلت كلمة الله وظهر دينه. وبلغت الملة الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها. وكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار، امتثالا لقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ﴾ [التوبة: ١٢٣] وقوله تعالى: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ أي وليجد الكفار منكم غلظة في قتالكم لهم، فإن المؤمن الكامل هو الذي يكون رفيقا لأخيه المؤمن غليظا على عدوه الكافر.
كقوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ [المائدة: ٥٤] وقوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩] وقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣ والتحريم: ٩] وفي الحديث: أن رسول الله ﷺ قال: «أنا الضحوك القتال» يعني أنه ضحوك في وجه وليه قتال لهامة عدوه، وقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ أي قاتلوا الكفار وتوكلوا على الله واعلموا أن الله معكم إذا اتقيتموه وأطعتموه، وهكذا الأمر لما كانت القرون الثلاثة الذين هم خير هذه الأمة في غاية الاستقامة والقيام بطاعة الله تعالى لم يزالوا ظاهرين على عدوهم. ولم تزل الفتوحات كثيرة ولم تزل الأعداء في سفال وخسار.
ثم لما وقعت الفتن والأهواء والاختلافات بين الملوك طمع الأعداء في أطراف البلاد وتقدموا إليها، فلم يمانعوا لشغل الملوك بعضهم ببعض، ثم تقدموا إلى حوزة الإسلام فأخذوا من الأطراف بلدانا كثيرة، ثم لم يزالوا حتى استحوذوا على كثير من بلاد الإسلام ولله لأمر من قبل ومن بعد، فكلما قام ملك من ملوك الإسلام وأطاع أوامر الله وتوكل على الله فتح الله عليه من البلاد واسترجع من الأعداء بحسبه وبقدر ما فيه من ولاية الله. والله المسؤول المأمول أن يمكن المسلمين من نواصي أعدائه الكافرين وأن يعلي كلمتهم في سائر الأقاليم إنه جواد كريم.
يقول تعالى: ﴿وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ﴾ فمن المنافقين ﴿مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً﴾ أي يقول بعضهم لبعض أيكم زادته هذه السورة إيمانا قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ﴾