للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: لما نزلت هذه الآية ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ طاف رسول الله من ورائه، وقال قتادة عن الحسن البصري في قوله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ قال: لأنه أول بيت وضع للناس، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وعن عكرمة أنه قال: إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق يوم الغرق زمان نوح، وقال خصيف: إنما سمي بالبيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار قط.

وقال ابن أبي نجيح وليث عن مجاهد: أعتق من الجبابرة أن يسلطوا عليه، وكذا قال قتادة.

وقال حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن بن مسلم عن مجاهد: لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك، وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن الزبير قال: إنما سمي البيت العتيق لأن الله أعتقه من الجبابرة.

وقال الترمذي (١): حدثنا محمد بن إسماعيل وغير واحد، حدثنا عبد الله بن صالح، أخبرني الليث عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن محمد بن عروة عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله : «إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار» وكذا رواه ابن جرير (٢) عن محمد بن سهل النجاري عن عبد الله بن صالح به، وقال: إن كان صحيحا، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ثم رواه من وجه آخر عن الزهري مرسلا.

[[سورة الحج (٢٢): الآيات ٣٠ إلى ٣١]]

﴿ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاِجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفاءَ لِلّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١)

يقول تعالى: هذا الذي أمرنا به من الطاعات في أداء المناسك وما لفاعلها من الثواب الجزيل ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ﴾ أي ومن يجتنب معاصيه، ومحارمه ويكون ارتكابها عظيما في نفسه ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ أي فله على ذلك خير كثير، وثواب جزيل، فكما على فعل الطاعات ثواب كثير وأجر جزيل، كذلك على تلك المحرمات واجتناب المحظورات، قال ابن جريج: قال مجاهد في قوله: ﴿ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ﴾ قال: الحرمة مكة والحج والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها، وكذا قال ابن زيد.

وقوله: ﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ﴾ أي أحللنا لكم جميع الأنعام وما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام. وقوله: ﴿إِلاّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ﴾ أي من تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة الآية، قال ذلك ابن جرير، وحكاه عن قتادة. وقوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ من هاهنا لبيان


(١) كتاب التفسير، تفسير سورة ٢٢، باب ٣.
(٢) تفسير الطبري ٩/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>