للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن ثواب الهباري حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا عبد الله بن مسلم يعني ابن هرمز عن ابن سابط عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله :

«إن في الجنة قصرا يقال له عدن حوله البروج والمروج له خمسة آلاف باب عند كل باب خمسة آلاف حبرة (١) لا يدخله-أو لا يسكنه-إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عدل» وقد ورد في ذكر أبواب الجنة الثمانية أحاديث كثيرة من وجوه عديدة.

وقوله ﷿: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيها﴾ قيل متربعين فيها على سرر تحت الحجال (٢) ﴿يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ أي مهما طلبوا وجدوا وأحضر كما أرادوا ﴿وَشَرابٍ﴾ أي من أي أنواعه شاؤوا أتتهم به الخدام ﴿بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ [الواقعة: ١٨] ﴿وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ أي عن غير أزواجهن فلا يلتفتن إلى غير بعولتهن ﴿أَتْرابٌ﴾ أي متساويات في السن والعمر هذا معنى قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والسدي ﴿هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ﴾ أي هذا الذي ذكرنا من صفة الجنة هي التي وعدها لعباده المتقين التي يصيرون إليها بعد نشورهم وقيامهم من قبورهم وسلامتهم من النار. ثم أخبر عن الجنة أنه لا فراغ لها ولا زوال ولا انقضاء ولا انتهاء فقال تعالى: ﴿إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ﴾ كقوله ﷿ ﴿ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ﴾ [النحل: ٩٦] وكقوله جل وعلا ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] وكقوله تعالى: ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [فصلت: ٨] أي غير مقطوع وكقوله ﷿: ﴿أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النّارُ﴾ [الرعد: ٣٥] والآيات في هذا كثيرة جدا.

[[سورة ص (٣٨): الآيات ٥٥ إلى ٦٤]]

﴿هذا وَإِنَّ لِلطّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النّارِ (٥٩) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (٦٠) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النّارِ (٦١) وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (٦٣) إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ (٦٤)

لما ذكر مآل السعداء ثنى بذكر حال الأشقياء ومرجعهم ومآبهم في دار معادهم وحسابهم فقال ﷿: ﴿هذا وَإِنَّ لِلطّاغِينَ﴾ وهم الخارجون عن طاعة الله ﷿ المخالفون لرسل الله ﴿لَشَرَّ مَآبٍ﴾ أي لسوء منقلب ومرجع. ثم فسره بقوله جل وعلا:

﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها﴾ أي يدخلونها فتغمرهم من جميع جوانبهم ﴿فَبِئْسَ الْمِهادُ هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسّاقٌ﴾


(١) الحبرة: حلة يمنية.
(٢) الحجلة، بفتح الحاء والجيم: بيت كالقبة يستر بالثياب، وتكون له أزرار كبيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>