يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي بآيات الله ﴿وَصَدُّوا﴾ غيرهم ﴿عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ﴾ أي أبطلها وأذهبها ولم يجعل لها ثوابا ولا جزاء كقوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً﴾ [الفرقان: ٢٣] ثم قال جل وعلا: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ أي آمنت قلوبهم وسرائرهم وانقادت لشرع الله جوارحهم وبواطنهم وظواهرهم ﴿وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ﴾ عطف خاص على عام وهو دليل على أنه شرط في صحة الإيمان بعد بعثته صلوات الله وسلامه عليه. وقوله وتبارك تعالى: ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ جملة معترضة حسنة ولهذا قال ﷻ: ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ﴾ قال ابن عباس ﵄: أي أمرهم. وقال مجاهد: شأنهم. وقال قتادة وابن زيد: حالهم والكل متقارب. وقد جاء في حديث تشميت العاطس «يهديكم الله ويصلح بالكم»(١).
ثم قال ﷿: ﴿ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ﴾ أي إنما أبطلنا أعمال الكفار.
وتجاوزنا عن سيئات الأبرار، وأصلحنا شؤونهم لأن الذين كفروا اتبعوا الباطل أي اختاروا الباطل على الحق ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنّاسِ أَمْثالَهُمْ﴾ أي يبين لهم مآل أعمالهم، وما يصيرون إليه في معادهم، والله ﷾ أعلم.