للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار غدوا وعشيا فترجع إلى وكورها وقد احترقت أرياشها وصارت سودا فينبت عليها من الليل ريش أبيض ويتناثر الأسود ثم تغدو على النار غدوا وعشيا ثم ترجع إلى وكورها، فذلك دأبهم في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ﴾ قال وكانوا يقولون إنهم ستمائة ألف مقاتل.

وقال الإمام أحمد (١) حدثنا إسحاق حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال:

قال رسول الله : «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله ﷿ إليه يوم القيامة» أخرجاه في الصحيحين (٢) من حديث مالك به.

[[سورة غافر (٤٠): الآيات ٤٧ إلى ٥٠]]

﴿وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيباً مِنَ النّارِ (٤٧) قالَ الَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا إِنّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨) وَقالَ الَّذِينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ اُدْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ (٥٠)

يخبر تعالى عن تحاج أهل النار في النار وتخاصمهم وفرعون وقومه من جملتهم فيقول الضعفاء وهم الأتباع للذين استكبروا وهم القادة والسادة والكبراء ﴿إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً﴾ أي أطعناكم فيما دعوتمونا إليه في الدنيا من الكفر والضلال ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيباً مِنَ النّارِ﴾ أي قسطا تتحملونه عنا ﴿قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنّا كُلٌّ فِيها﴾ أي لا نتحمل عنكم شيئا كفى بنا ما عندنا وما حملنا من العذاب والنكال ﴿إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ﴾ أي يقسم بيننا العذاب بقدر ما يستحقه كل منا كما قال تعالى: ﴿قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ … ﴿وَقالَ الَّذِينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ﴾ [الأعراف: ٣٨ - ٣٩] لما علموا أن الله ﷿ لا يستجيب منهم ولا يستمع لدعائهم بل قد قال: ﴿اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] سألوا الخزنة وهم كالسجانين لأهل النار أن يدعوا لهم الله تعالى أن يخفف عن الكافرين ولو يوما واحدا من العذاب فقالت لهم الخزنة رادين عليهم ﴿أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ﴾ أي أو ما قامت عليكم الحجج في الدنيا على ألسنة الرسل ﴿قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا﴾ أي أنتم لأنفسكم فنحن لا ندعو لكم ولا نسمع منكم ولا نود خلاصكم ونحن منكم براء ثم نخبركم أنه سواء دعوتم أو لم تدعوا لا يستجاب لكم ولا يخفف عنكم ولهذا قالوا:


(١) المسند ٢/ ١١٣.
(٢) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٩، ومسلم في الجنة حديث ٦٥، ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>