للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن رئاب قال: مر أبو ياسر بن أخطب من رجال من يهود برسول الله وهو يتلو فاتحة سورة البقرة ﴿الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال: تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل الله تعالى عليه ﴿الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ فقال: أنت سمعته؟ قال نعم. قال: فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من اليهود إلى رسول الله فقالوا يا محمد ألم يذكر أنك تتلو فيما أنزل الله عليك ﴿الم. ذلِكَ الْكِتابُ﴾؟ فقال رسول الله «بلى» فقالوا جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ فقال «نعم» قالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بيّن لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك. فقام حيي بن أخطب وأقبل على من كان معه فقال لهم الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة؟ ثم أقبل على رسول الله فقال: يا محمد هل مع هذا غيره؟ فقال: نعم، قال: ما ذاك؟ قال: «المص» قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد سبعون فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة. فهل مع هذا يا محمد غيره؟ قال: نعم، قال ما ذاك؟ قال: الر. قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة. فهل مع هذا يا محمد غيره؟ قال «نعم» قال: ماذا؟ قال «المر» قال: هذه أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون ومائتان ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا. ثم قال قوموا عنه، ثم قال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار: ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع سنين؟ فقالوا: لقد تشابه علينا أمره، فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ﴾ [آل عمران: ٧] فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج بما انفرد به، ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها وذلك يبلغ منه جملة كثيرة وإن حسبت مع التكرر فأطمّ (١) وأعظم والله أعلم.

[[سورة البقرة (٢): آية ٢]]

﴿ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢)

قال ابن جريج قال ابن عباس ذلك الكتاب، أي هذا الكتاب وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي ومقاتل بن حيان وزيد بن أسلم وابن جريج أن ذلك بمعنى هذا، والعرب تقارض (٢) بين اسمي الإشارة [هذين] فيستعملون كلا منهما مكان الآخر وهذا معروف


(١) الطامّ: الشيء العظيم. وأطمّ وأعظم بمعنى واحد.
(٢) تقارضا الشيء أو الأمر: تبادلاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>