للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جرير (١): هم العبيد والإماء والدواب والأنعام، والقصد أنه تعالى يمتن عليهم بما يسر لهم من أسباب المكاسب ووجوه الأسباب وصنوف المعايش، وبما سخر لهم من الدواب التي يركبونها، والأنعام التي يأكلونها، والعبيد والإماء التي يستخدمونها، ورزقهم على خالقهم لا عليهم، فلهم هم المنفعة، والرزق على الله تعالى.

[[سورة الحجر (١٥): الآيات ٢١ إلى ٢٥]]

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢) وَإِنّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)

يخبر تعالى أنه مالك كل شيء وأن كل شيء سهل عليه يسير لديه، وأن عنده خزائن الأشياء من جميع الصنوف ﴿وَما نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ كما يشاء وكما يريد، ولما له في ذلك من الحكمة البالغة والرحمة بعباده لا على جهة الوجوب بل هو كتب على نفسه الرحمة قال يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله: ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يقسمه بينهم حيث شاء عاما هاهنا وعاما هاهنا، ثم قرأ ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ﴾ الآية، رواه ابن جرير (٢)، وقال أيضا: حدثنا القاسم، حدثنا هشيم، أخبرنا إسماعيل بن سالم عن الحكم بن عتيبة في قوله: ﴿وَما نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ قال: ما عام بأكثر مطرا من عام ولا أقل، ولكنه يمطر قوم ويحرم آخرون بما كان في البحر، قال: وبلغنا أنه ينزل مع المطر من الملائكة أكثر من عدد ولد إبليس، وولد آدم يحصون كل قطرة حيث تقع وما تنبت (٣).

وقال البزار: حدثنا داود هو ابن بكير، حدثنا حيان بن أغلب بن تميم، حدثني أبي عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :

«خزائن الله الكلام، فإذا أراد شيئا قال له كن فكان» ثم قال: لا يرويه إلا أغلب وليس بالقوي، وقد حدث عنه غير واحد من المتقدمين، ولم يروه عنه إلا ابنه. وقوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ﴾ أي تلقح السحاب فتدر ماء، وتلقح الشجر فتفتح عن أوراقها وأكمامها، وذكرها بصيغة الجمع ليكون منها الإنتاج بخلاف الريح العقيم، فإنه أفردها ووصفها بالعقيم وهو عدم الإنتاج، لأنه لا يكون إلا من شيئين فصاعدا.

وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن، عن عبد الله بن مسعود في قوله: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ﴾ قال: ترسل الريح فتحمل الماء من السماء، ثم تمرى السحاب


(١) تفسير الطبري ٧/ ٥٠٣.
(٢) تفسير الطبري ٧/ ٥٠٣، ٥٠٤.
(٣) تفسير الطبري ٧/ ٥٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>