للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر الذي كانوا يأتونه» (١) ورواه الترمذي وابن جرير (٢) وابن أبي حاتم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة، عن أبي يونس القشيري عن حاتم بن أبي صغيرة به، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك. وقال ابن أبي حاتم:

حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا محمد بن كثير عن عمرو بن قيس عن الحكم عن مجاهد ﴿وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ قال: الصفير ولعب الحمام والجلاهق والسؤال في المجلس، وحل أزرار القباء. وقوله تعالى: ﴿فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم، ولهذا استنصر عليهم نبي الله فقال: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾.

[[سورة العنكبوت (٢٩): الآيات ٣١ إلى ٣٥]]

﴿وَلَمّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (٣١) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ اِمْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٢) وَلَمّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ اِمْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٣) إِنّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٣٥)

لما استنصر لوط بالله ﷿ عليهم، بعث الله لنصرته ملائكة فمروا على إبراهيم في هيئة أضياف، فجاءهم بما ينبغي للضيف، فلما رآهم أنه لا همة لهم إلى الطعام، نكرهم وأوجس منهم خيفة، فشرعوا يؤانسونه ويبشرونه بوجود ولد صالح من امرأته سارة، وكانت حاضرة، فتعجبت من ذلك كما تقدم بيانه في سورة هود والحجر، فلما جاءت إبراهيم البشرى وأخبروه بأنهم أرسلوا لهلاك قوم لوط، أخذ يدافع لعلهم ينظرون لعل الله أن يهديهم، ولما قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية ﴿قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ﴾ أي من الهالكين، لأنها كانت تمالئهم على كفرهم وبغيهم ودبرهم.

ثم ساروا من عنده فدخلوا على لوط في صورة شبان حسان، فلما رآهم كذلك ﴿سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً﴾ [هود: ٧٧] أي اغتم بأمرهم إن هو أضافهم خاف عليهم من قومه وإن لم يضفهم خشي عليهم منهم ولم يعلم بأمرهم في الساعة الراهنة ﴿قالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ إِنّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ وذلك أن جبريل اقتلع قراهم من قرار الأرض، ثم رفعها إلى


(١) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ٢٩، باب ٢.
(٢) تفسير الطبري ١٠/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>