للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ حَدَّثَهُ أن أبا الأسود الدئلي حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَدَّثَهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال «مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا دَخَلَ الجنة، قلت:

وإن زنى وإن سرق؟ قال: وَإِنَّ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ. قُلْتُ: وَإِنَّ زَنَى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ» ، قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَجُرُّ إِزَارَهُ وَهُوَ يَقُولُ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ بهذا وَيَقُولُ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ.

أَخْرَجَاهُ من حديث حسين به.

طريق أخرى: لحديث أبي ذر. قَالَ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ عِشَاءً، وَنَحْنُ نَنْظُرُ إِلَى أُحُدٍ، فقال «يا أبا ذر» قلت: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي أُحُدًا ذَاكَ عِنْدِي ذَهَبًا أُمْسِي ثَالِثَةً وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلَّا دِينَارًا أَرْصُدُهُ يَعْنِي لِدَيْنٍ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا» ، وَحَثَا عَنْ يَمِينِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: ثُمَّ مَشَيْنَا، فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الْأَكْثَرِينَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا» ، فَحَثَا عَنْ يَمِينِهِ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: ثُمَّ مَشَيْنَا، فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ كَمَا أَنْتَ حَتَّى آتِيَكَ» قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، قَالَ:

فَسَمِعْتُ لَغَطًا، فَقُلْتُ: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ لَهُ، قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَتَّبِعَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ:

لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى جَاءَ، فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي سَمِعْتُ، فَقَالَ «ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِي فَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخْلَ الْجَنَّةَ» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:

«وإن زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا، كِلَاهُمَا عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ، قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَمْشِي في ظل القمر، فالتفت قرآني، فَقَالَ «مَنْ هَذَا؟» فَقُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَالَ» . قَالَ:

فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَالَ «إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ الله خيرا فنفخ فيه عن يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا» قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فقال لي «اجلس هاهنا» ، فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ، فَقَالَ لِي «اجْلِسْ هَاهُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ» .

قَالَ: فَانْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى لَا أَرَاهُ، فَلَبِثَ عَنِّي فَأَطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ وهو يقول «وإن زنى وإن سرق» قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ: يا نبي الله، جعلني الله فداك مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا، قَالَ «ذَاكَ جِبْرِيلُ عَرَضَ لِي مِنْ جَانِبِ الْحَرَّةِ، فَقَالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخْلَ الْجَنَّةَ: قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى، قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى، قَالَ: نَعَمْ: قُلْتُ: وَإِنْ سرق وإن


(١) مسند أحمد ٥/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>