للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على وقفه من كلام ابن مسعود، وكذلك رواه أسباط وسفيان الثوري عن السدي، عن مرة، عن ابن مسعود موقوفا، والله أعلم.

وقال الثوري عن السدي عن مرة عن عبد الله قال: ما من رجل يهم بسيئة فتكتب عليه، ولو أن رجلا بعدن أبين همّ أن يقتل رجلا بهذا البيت لأذاقه الله من العذاب الأليم، وكذا قال الضحاك بن مزاحم، وقال سفيان الثوري عن منصور، عن مجاهد: إلحاد فيه لا والله وبلى والله، وروي عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو مثله، وقال سعيد بن جبير: شتم الخادم ظلم فما فوقه، وقال سفيان الثوري عن عبد الله بن عطاء، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ﴾ قال: تجارة الأمير فيه. وعن ابن عمر: بيع الطعام بمكة إلحاد.

وقال حبيب بن أبي ثابت: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ﴾ قال: المحتكر بمكة، وكذا قال غير واحد. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري، أنبأنا أبو عاصم عن جعفر بن يحيى، عن عمه عمارة بن ثوبان، حدثني موسى بن باذان عن يعلى بن أمية أن رسول الله قال: «احتكار الطعام بمكة إلحاد» وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا عطاء بن دينار، حدثني سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس في قوله الله: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ﴾ قال: نزلت في عبد الله بن أنيس، أن رسول الله بعثه مع رجلين: أحدهما مهاجر، والآخر من الأنصار، فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري، ثم ارتد عن الإسلام، وهرب إلى مكة، فنزلت فيه ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ﴾ يعني من لجأ إلى الحرم بإلحاد، يعني بميل عن الإسلام.

وهذه الآثار وإن دلت على أن هذه الأشياء من الإلحاد، ولكن هو أعم من ذلك بل فيها تنبيه على ما هو أغلظ منها، ولهذا لما هم أصحاب الفيل على تخريب البيت أرسل الله عليهم طيرا أبابيل، ﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ [الفيل: ٤ - ٥]، أي دمرهم وجعلهم عبرة ونكالا لكل من أراده بسوء، ولذلك ثبت في الحديث أن رسول الله قال:

«يغزو هذا البيت جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم» (١) الحديث.

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا محمد بن كناسة، حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه قال: أتى عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن الزبير إياك والإلحاد في حرم الله، فإني سمعت رسول الله يقول: «إنه سيلحد فيه رجل من قريش، لو توزن ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت»


(١) أخرجه البخاري في البيوع باب ٤٩، ومسلم في الفتن حديث ٦ - ٨.
(٢) المسند ٢/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>