للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. قلت: ورواه زهير وقيس بن الربيع، كلاهما عن أبي إسحاق عن عبد الله بن قيس عن ابن عباس به، والله أعلم.

وروى الحاكم أيضا في مسنده، من حديث يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي إدريس عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله «أيكم يبايعني على ثلاث» ثم تلا رسول الله ﴿قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ حتى فرغ من الآيات «فمن وفي فأجره على الله ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخر إلى الآخرة فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه» (١) ثم قال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وإنما اتفقا على حديث الزهري عن أبي إدريس عن عبادة، «بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا» الحديث.

وقد روى سفيان بن حسين كلا الحديثين، فلا ينبغي أن ينسب إلى الوهم في أحد الحديثين إذا جمع بينهما، والله أعلم.

وأما تفسيرها فيقول تعالى: لنبيه ورسوله محمد قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله وحرموا ما رزقهم الله وقتلوا أولادهم، وكل ذلك فعلوه بآرائهم وتسويل الشياطين لهم ﴿قُلْ﴾ لهم ﴿تَعالَوْا﴾ أي هلموا وأقبلوا ﴿أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ أي أقص عليكم وأخبركم بما حرم ربكم عليكم حقا لا تخرصا ولا ظنا بل وحيا منه وأمرا من عنده ﴿أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾ وكأن في الكلام محذوفا دل عليه السياق، وتقديره وأوصاكم ﴿أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾ ولهذا قال في آخر الآية ﴿ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وكما قال الشاعر: [الرجز] حجّ وأوصى بسليمى الأعبدا … أن لا ترى ولا تكلم أحدا

ولا يزل شرابها مبرّدا (٢)

وتقول العرب: أمرتك أن لا تقوم. وفي الصحيحين من حديث أبي ذر قال:

قال رسول الله «أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئا من أمتك دخل الجنة، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق وإن شرب الخمر» وفي بعض الروايات: أن قائل ذلك إنما هو أبو ذر لرسول الله وأنه قال في الثالثة «وإن رغم أنف أبي ذر» فكان أبو ذر يقول بعد تمام الحديث «وإن رغم أنف أبي ذر» (٣).


(١) الدر المنثور ٣/ ١٠٣.
(٢) الرجز بلا نسبة أيضا في تفسير الطبري ٥/ ٣٩١. قال الطبري: فجعل قوله: «أن لا ترى» خبرا، ثم عطف بالنهي فقال: «ولا تكلم» «ولا يزل».
(٣) صحيح البخاري (لباس باب ٢٤) وصحيح مسلم (إيمان حديث ١٥٣، ١٥٤) ومسند أحمد ٥/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>