للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بعض المسانيد والسنن عن أبي ذر قال: قال رسول الله يقول تعالى: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني فإني أغفر لك على ما كان منك ولا أبالي، ولو أتيتني بقراب الأرض خطيئة أتيتك بقرابها مغفرة ما لم تشرك بي شيئا، وإن أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك» (١).

ولهذا شاهد في القرآن قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ﴾ [النساء: ٤٨] وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود «من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة» والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدا، وروى ابن مردويه: من حديث عبادة وأبي الدرداء «لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعتم أو صلبتم أو حرقتم».

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا نافع بن يزيد، حدثني سيار بن عبد الرحمن عن يزيد بن قوذر عن سلمة بن شريح عن عبادة بن الصامت، قال: أوصانا رسول الله بسبع خصال «ألا تشركوا بالله شيئا وإن حرقتم وقطعتم وصلبتم».

وقوله تعالى: ﴿وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً﴾ أي وأوصاكم وأمركم بالوالدين إحسانا أي أن تحسنوا إليهم كما قال تعالى: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً﴾ [الإسراء: ٢٣] وقرأ بعضهم: ووصى ربك: ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، أي أحسنوا إليهم، والله تعالى كثيرا ما يقرن بين طاعته وبر الوالدين كما قال ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [لقمان: ١٤ - ١٥] فأمر بالإحسان إليهما وإن كانا مشركين بحسبهما، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً﴾ [البقرة: ٨٣] الآية، والآيات في هذا كثيرة.

وفي الصحيحين عن ابن مسعود أنه قال: سألت رسول الله أي العمل أفضل؟ قال «الصلاة على وقتها» قلت ثم أي؟ قال «بر الوالدين» قلت ثم أي؟ قال «الجهاد في سبيل الله»، قال ابن مسعود: حدثني بهن رسول الله ولو استزدته لزادني (٢).

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه بسنده عن أبي الدرداء وعن عبادة بن الصامت كل منهما يقول أوصاني خليلي رسول الله «أطع والديك وإن أمراك أن تخرج لهما من الدنيا فافعل» ولكن في إسناديهما ضعف، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّاهُمْ﴾ لما أوصى تعالى


(١) مسند أحمد ٥/ ١٥٤.
(٢) صحيح البخاري (مواقيت باب ٥) وصحيح مسلم (إيمان حديث ٣٩) وسنن أبي داود (طهارة باب ٦١)

<<  <  ج: ص:  >  >>