للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدرية، الذين نبغوا (١) في أواخر عصر الصحابة، وقد تكلمنا على هذا المقام مفصلا وما ورد فيه من الأحاديث في شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري ، ولنذكر هاهنا الأحاديث المتعلقة بهذه الآية الكريمة.

قال أحمد (٢): حدثنا وكيع، حدثنا سفيان الثوري عن زياد بن إسماعيل السهمي، عن محمد بن عباد بن جعفر عن أبي هريرة قال: جاء مشركو قريش إلى النبي يخاصمونه في القدر فنزلت ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ﴾ (٣) وهكذا رواه مسلم والترمذي وابن ماجة من حديث وكيع عن سفيان الثوري به.

وقال البزار: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا الضحاك بن مخلد، حدثنا يونس بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: ما نزلت هذه الآيات ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ﴾ إلا في أهل القدر. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سهل بن صالح الأنطاكي، حدثني قرة بن حبيب عن كنانة، حدثني جرير بن حازم عن سعيد بن عمرو بن جعدة، عن ابن زرارة عن أبيه عن النبي أنه تلا هذه الآية ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ﴾ قال: «نزلت في أناس من أمتي يكونون في آخر الزمان يكذبون بقدر الله».

وحدثنا الحسن بن عرفة: حدثنا مروان بن شجاع الجزري عن عبد الملك بن جريج، عن عطاء بن أبي رباح قال: أتيت ابن عباس وهو ينزع من زمزم، وقد ابتلت أسافل ثيابه فقلت له قد تكلم في القدر، فقال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: فوالله ما نزلت هذه الآية إلا فيهم ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ﴾ أولئك شرار هذه لأمة، فلا تعودوا مرضاهم ولا تصلوا على موتاهم، إن رأيت أحدا منهم فقأت عينيه بإصبعي هاتين.

وقد رواه الإمام أحمد (٤) من وجه آخر وفيه مرفوع فقال: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي عن بعض إخوته عن محمد بن عبيد المكي عن عبد الله بن عباس قال: قيل له إن رجلا قدم علينا يكذب بالقدر، فقال: دلوني عليه وهو أعمى، قالوا: وما تصنع به يا أبا عباس؟ قال: والذي نفسي بيده لئن استمكنت منه لأعضن أنفه حتى أقطعه، ولئن وقعت رقبته في يدي لأدقنها فإني سمعت رسول الله يقول: «كأني بنساء بني فهر يطفن بالخزرج تصطفق إلياتهن مشركات، هذا أول شرك هذه الأمة، والذي نفسي بيده لينتهين بهم سوء رأيهم حتى


(١) نبغوا: أي خرجوا.
(٢) المسند ٢/ ٤٤٤، ٤٧٦.
(٣) أخرجه مسلم في القدر حديث ١٩، والترمذي في القدر باب ١٩، وتفسير سورة ٥٤، باب ٦، والنسائي في الضحايا باب ٤٠، وابن ماجة في المقدمة باب ١٠.
(٤) المسند ١/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>