للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيس: [الوافر] لقد نقّبت في الآفاق حتى … رضيت من الغنيمة بالإياب (١)

وقوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ أي هل من مفر كان لهم من قضاء الله وقدره وهل نفعهم ما جمعوه ورد عنهم عذاب الله إذ جاءهم لما كذبوا الرسل فأنتم أيضا لا مفر لكم ولا محيد ولا مناص ولا محيص. وقوله ﷿: ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى﴾ أي لعبرة ﴿لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ أي لب يعي به وقال مجاهد: عقل ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ أي استمع الكلام فوعاه وتعقله بعقله وتفهمه بلبه، وقال مجاهد: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ﴾ يعني لا يحدث نفسه بغيره، ﴿وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ وقال شاهد بالقلب (٢)، وقال الضحاك: العرب تقول ألقى فلان سمعه إذا استمع بأذنيه، وهو شاهد بقلب غير غائب (٣)، وهكذا قال الثوري وغير واحد.

وقوله : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ﴾ فيه تقرير للمعاد لأن من قدر على خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن قادر على أن يحيي الموتى بطريق الأولى والأحرى، وقال قتادة: قالت اليهود-عليهم لعائن الله- خلق الله السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع وهو يوم السبت، وهم يسمونه يوم الراحة فأنزل الله تعالى تكذيبهم فيما قالوه وتأولوه ﴿وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ﴾ أي من إعياء ولا تعب ولا نصب، كما قال في الآية الأخرى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأحقاف: ٣٣] وكما قال ﷿: ﴿لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ﴾ [غافر: ٥٧] وقال تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها﴾ [النازعات: ٢٧].

وقوله ﷿: ﴿فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ﴾ يعني المكذبين اصبر عليهم واهجرهم هجرا جميلا ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ وكانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء ثنتين قبل طلوع الشمس في وقت الفجر وقبل الغروب في وقت العصر، وقيام الليل كان واجبا على النبي وعلى أمته حولا ثم نسخ في حق الأمة وجوبه ثم بعد ذلك نسخ الله تعالى ذلك كله ليلة الإسراء بخمس صلوات، ولكن منهن صلاة الصبح والعصر فهما قبل طلوع


(١) يروى البيت: وقد نقبت في الأفاق حتى رضيت من السلامة بالإياب وهو لامرئ القيس في ديوانه ص ٤٣، ولسان العرب (نقب)، وجمهرة الأمثال ١/ ٤٨٤، والعقد الفريد ٣/ ١٢٦، والفاخر ص ٢٦٠، وكتاب الأمثال ص ٣٤٩، والمستقصى ٢/ ١٠٠، ومجمع الأمثال ١/ ٢٩٥، وتهذيب اللغة ٩/ ١٩٧، وتاج العروس (نقب)، وتفسير الطبري ١١/ ٤٣٢.
(٢) انظر تفسير الطبري ١١/ ٤٣٣.
(٣) تفسير الطبري ١١/ ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>