أصابهم قال وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم قال فلما قدم رسول الله ﷺ المدينة أنزل الله تعالى فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ قال عمر ﵁ فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاص ﵁ قال: فقال هشام لما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه وأصوت ولا أفهمها حتى قلت اللهم أفهمنيها فألقى الله ﷿ في قلبي أنها إنما نزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا قال فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله ﷺ بالمدينة.
ثم استحث ﵎ عباده إلى المسارعة إلى التوبة فقال: ﴿وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ إلخ، أي ارجعوا إلى الله واستسلموا له ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾ أي بادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ وهو القرآن العظيم ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ أي من حيث لا تعلمون ولا تشعرون ثم قال ﷿: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ﴾ أي يوم القيامة يتحسر المجرم المفرط في التوبة والإنابة ويود لو كان من المحسنين المخلصين المطيعين لله ﷿.
وقوله ﵎: ﴿وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ﴾ أي إنما كان عملي في الدنيا عمل ساخر مستهزئ غير موقن مصدق ﴿أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ أي تود أن لو أعيدت إلى الدنيا لتحسن العمل.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخبر الله ﷾ ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعملوه. وقال تعالى: ﴿وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: ١٤] ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقد قال الإمام أحمد (١) حدثنا أسود حدثنا أبو بكر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول لو أن الله هداني فتكون عليه حسرة، قال وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول لولا أن الله هداني قال فيكون له الشكر» ورواه النسائي من حديث أبي بكر بن عياش به. ولما تمنى أهل