للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بتقواه، وهي إذا قرنت بطاعته كان المراد بها الانكفاف عن المحارم وترك المنهيات، وقد قال بعدها ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ قال سفيان الثوري، عن طلحة عن عطاء، عن ابن عباس: أي القربة، وكذا قال مجاهد وأبو وائل والحسن وقتادة وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد. وقال قتادة: أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه، وقرأ ابن زيد ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ [الإسراء: ٥٧] وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه. وأنشد عليه ابن جرير قول الشاعر:

[الطويل] إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا … وعاد التصافي بيننا والوسائل (١)

والوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود، والوسيلة أيضا علم على أعلى منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله وداره في الجنة، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش، وقد ثبت في صحيح البخاري من طريق محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة» (٢).

حديث آخر-في صحيح مسلم من حديث كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي يقول «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلّى علي صلاة صلّى الله عليه عشرا، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة» (٣).

حديث آخر-قال الإمام أحمد (٤): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان عن ليث، عن كعب، عن أبي هريرة أن رسول الله قال «إذا صليتم علي فسلوا لي الوسيلة». قيل: يا رسول الله، وما الوسيلة؟ قال «أعلى درجة في الجنة، لا ينالها إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا هو».

ورواه الترمذي عن بندار، عن أبي عاصم، عن سفيان الثوري، عن ليث بن أبي سليم، عن كعب قال: حدثني أبو هريرة، ثم قال: غريب، وكعب ليس بمعروف، لا نعرف أحدا روى عنه غير ليث بن أبي سليم.


(١) البيت بلا نسبة أيضا في تفسير الطبري ٤/ ٥٦٧ وتفسير القرطبي ٦/ ١٥٩.
(٢) صحيح البخاري (أذان باب ٨)
(٣) صحيح مسلم (صلاة حديث ١١)
(٤) مسند أحمد ٢/ ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>