للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ قَالَ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ: لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ إِمَامًا سَأَلَ اللَّهَ أَنْ تَكُونَ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَأُجِيبُ إِلَى ذَلِكَ وَأُخْبِرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ظَالِمُونَ وَأَنَّهُ لَا يَنَالُهُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَلَا يَكُونُونَ أَئِمَّةً فَلَا يُقْتَدَى بِهِمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أُجِيبَ إِلَى طَلَبَتِهِ قوله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ: وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ [الْعَنْكَبُوتِ: ٢٧] فَكُلُّ نَبِيٍّ أَرْسَلَهُ اللَّهُ، وَكُلُّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ فَفِي ذُرِّيَّتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ. فَقَالَ خُصَيْفٌ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: قالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي ذُرِّيَّتِكَ ظَالِمُونَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قَالَ: لَا يَكُونُ لِي إمام ظالم، وَفِي رِوَايَةٍ:

لَا أَجْعَلُ إِمَامًا ظَالِمًا يُقْتَدَى بِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قَالَ: لَا يَكُونُ إِمَامٌ ظَالِمٌ يُقْتَدَى به. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا مالك بن إسماعيل أخبرنا شَرِيكٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ صالحا فأجعله إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ ظَالِمًا فَلَا وَلَا نُعْمَةَ عَيْنٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُشْرِكُ لَا يَكُونُ إِمَامٌ ظَالِمٌ، يَقُولُ لَا يَكُونُ إِمَامٌ مُشْرِكٌ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي فَأَبَى أَنْ يَجْعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِمَامًا ظَالِمًا، قُلْتُ لِعَطَاءٍ مَا عَهْدُهُ؟ قَالَ أَمْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بن ثور القيساري فيما كتب إليّ أخبرنا الفريابي حدثنا إسماعيل حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ ثُمَّ قَالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدٍ أَوْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ يُخْبِرُهُ أَنَّهُ كَائِنٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ ظَالِمٌ لَا يَنَالُ عَهْدَهُ وَلَا ينبغي أَنْ يُوَلِّيَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ خَلِيلِهِ، وَمُحْسِنٌ سَتَنْفُذُ فِيهِ دَعْوَتُهُ وتبلغ له مَا أَرَادَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قَالَ يَعْنِي:

لَا عَهْدَ لِظَالِمٍ عَلَيْكَ فِي ظُلْمِهِ أَنْ تُطِيعَهُ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» حَدَّثَنَا إسحاق أخبرنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قَالَ ليس للظالمين عهد وإن عاهدته أنقضه وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَيْسَ لِظَالِمِ عَهْدٌ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ «٢» أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قَالَ لا ينال


(١) تفسير الطبري ١/ ٥٧٩.
(٢) تفسير الطبري ١/ ٥٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>