صحيحه (١) من حديث الأعمش عن أبي سفيان عن طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إن الشيطان ليضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة، ويجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا، فيقول إبليس: لا والله ما صنعت شيئا! ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله قال: فيقربه ويدنيه ويلتزمه ويقول: نعم أنت» وسبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق أو نحو ذلك أو عقد أو بغضة أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة، والمرء عبارة عن الرجل وتأنيثه امرأة ويثنى كل منهما ولا يجمعان والله اعلم.
وقوله تعالى ﴿وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ﴾ قال سفيان الثوري: إلا بقضاء الله، وقال محمد بن إسحاق: إلا بتخلية الله بينه وبين ما أراد، وقال الحسن البصري ﴿وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ﴾ قال: نعم، من شاء الله سلطهم عليه، ومن لم يشأ الله لم يسلط ولا يستطيعون من أحد إلا بإذن الله، كما قال الله تعالى. وفي رواية عن الحسن أنه قال: لا يضر هذا السحر إلا من دخل فيه.
وقوله تعالى: ﴿وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ﴾ أي يضرهم في دينهم وليس له نفع يوازي ضرره ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾ أي ولقد علم اليهود الذين استبدلوا بالسحر عن متابعة الرسول ﷺ لمن فعل فعلهم، ذلك أنه ما له في الآخرة من خلاق، قال ابن عباس ومجاهد والسدي: من نصيب، وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: ما له في الآخرة من جهة عند الله، وقال عبد الرزاق، وقال الحسن: ليس له دين، وقال سعد عن قتادة ﴿ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾ قال: ولقد علم أهل الكتاب فيم عهد الله إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة.
وقوله تعالى ﴿وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ يقول تعالى: ﴿وَلَبِئْسَ﴾ البديل ما استبدلوا به من السحر عوضا عن الإيمان ومتابعة الرسول لو كان لهم علم بما وعظوا به ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ﴾ أي ولو أنهم آمنوا بالله ورسله واتقوا المحارم لكان مثوبة الله على ذلك خيرا لهم مما استخاروا لأنفسهم ورضوا به كما قال تعالى: ﴿وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقّاها إِلاَّ الصّابِرُونَ﴾ [القصص: ٨٠].
وقد استدل بقوله ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ من ذهب إلى تكفير الساحر، كما هو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل وطائفة من السلف، وقيل: بل لا يكفر، ولكن حده ضرب عنقه، لما رواه