للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواحدها دسار. ويقال: دسير كما يقال حبيك وحباك والجمع حبك، وقال مجاهد: الدسر أضلاع السفينة.

وقال عكرمة والحسن: هو صدرها الذي يضرب به الموج. وقال الضحاك: طرفاها وأصلها، وقال العوفي عن ابن عباس: هو كلكلها أي صدرها. وقوله: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنا﴾ أي بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا ﴿جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ﴾ أي جزاء لهم على كفرهم بالله وانتصارا لنوح .

وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً﴾ قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة، والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن، كقوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ﴾ [يس: ٤١ - ٤٢] وقال تعالى: ﴿إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ ولهذا قال هاهنا: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أي فهل من يتذكر ويتعظ. قال الإمام أحمد (١): حدثنا حجاج، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ وهكذا رواه البخاري (٢)، حدثنا يحيى، حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله قال: قرأت على النبي ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ وقال النبي ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ وروى البخاري أيضا من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله قال: كان رسول الله يقرأ ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾.

وقال: حدثنا أبو نعيم، حدثنا زهير عن أبي إسحاق أنه سمع رجلا سأل الأسود ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أو «مذكر»، قال: سمعت عبد الله يقرأ ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾، وقال: سمعت رسول الله يقرؤها ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾. دالا (٣). وقد أخرج مسلم هذا الحديث وأهل السنن إلا ابن ماجة من حديث أبي إسحاق.

وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ﴾ أي كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذب رسلي، ولم يتعظ بما جاءت به نذري، وكيف انتصرت لهم وأخذت لهم بالثأر ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس، كما قال: ﴿كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ [ص: ٢٩] وقال تعالى: ﴿فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧] قال مجاهد: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ يعني هونا قراءته، وقال السدي: يسرنا تلاوته على الألسن، وقال الضحاك عن ابن عباس: لولا


(١) المسند ١/ ٣٩٥.
(٢) كتاب التفسير، تفسير سورة ٥٤، باب ٢.
(٣) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٤، باب ٢، ومسلم في المسافرين حديث ٢٨٠، ٢٨١، وأبو داود في الحروف باب ٢٦، والترمذي في القرآن باب ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>