الزبير، فقال رسول الله ﷺ:«اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك» فغضب الأنصاري وقال:
يا رسول الله، أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله ﷺ، ثم قال:«اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر» واستوعى رسول الله ﷺ للزبير حقه، وكان رسول الله ﷺ قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه السعة له وللأنصار، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله ﷺ، استوعى للزبير حقه في صريح الحكم، فقال الزبير: ما أحسب هذه الآية إلا في ذلك ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ وهكذا رواه النسائي من حديث ابن وهب به. ورواه أحمد والجماعة كلهم من حديث الليث به. وجعله أصحاب الأطراف في مسند عبد الله بن الزبير. وكذا ساقه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن الزبير. والله أعلم.
والعجب كل العجب من الحاكم أبي عبد الله النيسابوري فإنه روى هذا الحديث من طريق ابن أخي ابن شهاب عن عمه عن عروة، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، فذكره، ثم قال:
صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. فإني لا أعلم أحدا قام بهذا الإسناد عن الزهري بذكر عبد الله بن الزبير غير ابن أخيه وهو عنه ضعيف.
وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن علي أبو دحيم، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن سلمة رجل من آل أبي سلمة، قال: خاصم الزبير رجلا إلى النبي ﷺ فقضى للزبير، فقال الرجل: إنما قضى له لأنه ابن عمته، فنزلت: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ الآية.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا أبو حيوة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب في قوله ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ قال: نزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة، اختصما في ماء، فقضى النبي ﷺ أن يسقي الأعلى ثم الأسفل، هذا مرسل ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري.
ذكر سبب آخر غريب جدا: -قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أخبرنا ابن وهب، وأخبرني عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود، قال: اختصم رجلان إلى رسول الله ﷺ فقضى بينهما، فقال المقضي عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب، فقال رسول الله ﷺ«نعم»، انطلقا إليه، فلما أتيا إليه، فقال الرجل: يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله ﷺ على هذا.
فقال: ردنا إلى عمر بن الخطاب، فردنا إليك: فقال: أكذاك؟ قال: نعم. فقال عمر:
مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما. فخرج إليها مشتملا على سيفه فضرب الذي قال:
ردنا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخر فأتى إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، قتل عمر والله صاحبي، ولولا أني أعجزته لقتلني، فقال رسول الله ﷺ:«ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن» فأنزل الله ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ﴾ الآية، فهدر دم ذلك الرجل