للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية ﴿وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى﴾ قال «أتدري ما وفى؟» قلت: الله ورسوله أعلم. قال «وفى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار» ورواه ابن جرير من حديث جعفر بن الزبير وهو ضعيف.

وقال الترمذي في جامعه: حدثنا أبو جعفر السمناني، حدثنا أبو مسهر، حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء وأبي ذر عن رسول الله عن الله ﷿ أنه قال: «ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره» (١) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن رسول الله أنه قال: «ألا أخبركم لم سمى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفى؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: ﴿فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ حتى ختم الآية.

ورواه ابن جرير (٢) عن أبي كريب عن رشدين بن سعد عن زبان به.

ثم شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال: ﴿أَلاّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ أي كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب فإنما عليها وزرها لا يحمله عنها أحد كما قال: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى﴾ [فاطر: ١٨] ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى﴾ أي كما لا يحمل عليه وزر غيره، كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه، ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي ومن اتبعه، أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ولهذا لم يندب إليه رسول الله أمته ولا حثهم عليه ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما.

وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به» (٣) فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله، كما جاء في الحديث «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه» (٤) والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من


(١) أخرجه الترمذي في الوتر باب ١٥، وأحمد في المسند ٥/ ٢٨٦، ٢٨٧.
(٢) تفسير الطبري ١١/ ٥٣٣.
(٣) أخرجه مسلم في الوصية حديث ١٤، وأبو داود في الوصايا باب ١٤، والترمذي في الأحكام باب ٣٦، والنسائي في الوصايا باب ٨، وأحمد في المسند ٢/ ٣٧٢.
(٤) أخرجه النسائي في البيوع باب ١، وابن ماجة في التجارات باب ١، والدارمي في البيوع باب ٦، وأحمد في المسند ٦/ ٣١، ٤٢، ١٢٦، ١٢٧، ١٩٣، ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>