للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت أبا الجودي يحدث عن سعيد بن مهاجر عن المقدام بن أبي كريمة، عن النبي أنه قال: «أيما مسلم ضاف قوما فأصبح الضيف محروما، فإن حقا على كل مسلم نصره حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله» تفرد به أحمد من هذا الوجه، وقال أحمد (٢) أيضا: حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة، عن منصور، عن الشعبي، عن المقدام بن أبي كريمة، سمع رسول الله يقول: «ليلة الضيف واجبة على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه محروما كان دينا له عليه، فإن شاء اقتضاه وإن شاء تركه». ثم رواه أيضا عن غندر عن شعبة. وعن زيادة بن عبد الله البكائي عن وكيع وأبي نعيم، عن سفيان الثوري، ثلاثتهم عن منصور به، وكذا رواه أبو داود (٣) من حديث أبي عوانة عن منصور به.

ومن هذه الأحاديث وأمثالها، ذهب أحمد وغيره إلى وجوب الضيافة، ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عمرو بن علي حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا محمد بن عجلان عن أبيه، عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي ، فقال: إن لي جارا يؤذيني، فقال له «أخرج متاعك فضعه على الطريق»، فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق، فكل من مر به قال: مالك؟ قال: جاري يؤذيني، فيقول: اللهم العنه، اللهم أخزه، قال: فقال الرجل: ارجع إلى منزلك، والله لا أوذيك أبدا، وقد رواه أبو داود (٤) في كتاب الأدب عن أبي توبة الربيع بن نافع، عن سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر عن محمد بن عجلان به، ثم قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، ورواه أبو جحيفة وهب بن عبد الله عن النبي ، ويوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي .

وقوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً﴾ أي إن تظهروا أيها الناس خيرا أو أخفيتموه أو عفوتم عمن أساء إليكم، فإن ذلك مما يقربكم عند الله ويجزل ثوابكم لديه، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم، ولهذا قال:

﴿فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً﴾، ولهذا ورد في الأثر أن حملة العرش يسبحون الله، فيقول بعضهم:

سبحانك على حلمك بعد علمك، ويقول بعضهم: سبحانك على عفوك بعد قدرتك، وفي الحديث الصحيح «ما نقص مال من صدقة، ولا زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، ومن تواضع لله رفعه» (٥).


(١) مسند أحمد ٤/ ١٣٣.
(٢) مسند أحمد ٤/ ١٣٠.
(٣) سنن أبي داود (أطعمة باب ٥)
(٤) سنن أبي داود (أدب باب ١٢٣)
(٥) مسند أحمد ٢/ ٢٣٥ من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>